أمل نصرالدّين

وُلد السّيّد أمل نصرالدّين في الواحد والثّلاثين من شهر تمّوز عام 1927 م.، في قرية دالية الكرمل. والده نسيب نصرالدّين، ووالدته وداد حمادة المنتمية إلى عائلة حمادة العريقة الّتي تعيش في بعقلين، في لبنان. وقد قدِم أجداده من لبنان في القرن الميلاديّ السّابع عشر مع جيوش الأمير فخرالدّين المعنيّ الثّاني، وكانوا من بُناة القرى الدّرزيّة الّتي أسّسها فخرالدّين في الكرمل لكي تحمي حدوده الجنوبيّة. وينتمي أبناء عائلة نصرالدّين في إسرائيل إلى عائلة نصرالدّين أو ناصرالدّين في لبنان الّتي تعود جذورها إلى التّحالف التّنّوخيّ القديم.

نشأ أمل نصرالدّين وترعرع في البيت القريب من مقام سيّدنا أبي إبراهيم، عليه السّلام، وقد اعتاد التّردّد على ساحة المقام والاشتراك في الفعّاليّات كافّةً الّتي كانت تجري، وأبدى منذ صغره اهتمامًا بالجلوس مع الكبار والإصغاء إلى أحاديثهم.

التحق بمدرسة القرية وهو في السّادسة من عمره، عام 1933 م.، وبرز بين الطّلّاب بقوّة ملاحظته وسرعة خاطره واهتمامه الشّديد بالمعرفة. أنهى هذه الصّفوف التّعليميّة بنجاح، وكان من الطّلّاب الأوائل، ودلّت تصرّفاته دائمًا على أنّ القيادة ميزتُه. ولمّا أنهى المرحلة الابتدائيّة فكّر والده في إرساله للتّعلُّم في مدرسة ثانويّة خارج القرية، لكنّ الحرب العالميّة الثّانية كانت في أوجها، ففضّل والده الانتظار حتّى تنتهي، وحين حصل ذلك في عام 1945 م. بدأ أمل يعمل مع والده في الأرض، وفي أيّام العطلة كان يستيقظ مبكرًا ويرافق والده إلى الأرض، يزرعان ويفلحان ويحصدان. ولمّا كبر وأصبح فتى ثمّ شابًّا، بات يشترك مع والده في مناسبات الأفراح والأتراح، فيجلس كالكبار في الدّيوان ويشاهد الفعّاليّات الّتي تُقام في المناسبات. وفي سنة من سنوات الأربعينات زار القرية الشّيخ حسين حمادة، شيخ عقل الطّائفة الدّرزيّة في لبنان، رحمه الله، وحلّ ضيفًا على وجيه قرية دالية الكرمل آنذاك، الشّيخ صالح نصرالدّين المعروف بصالح الخطيب. وكان أمل لم يزل في مقتبل العمر، فوقف وتحدّث مع الشّيخ بطلاقة وجرأه، ما حدا بالشّيخ حسين حمادة أن ينظر إلى الشّابّ أمل ويقول: “ديروا بالكم على هذا الولد فله مستقبل”.

كان أمل الشّابّ في الخامسة عشرة من عمره يُرافق والده في بعضٍ من السّفريّات إلى حيفا والنّاصرة وطبريّة وعكّا ومدن أُخرى، فرأى النّاس يعيشون بشكل مختلف، لا يعتمدون على الزّراعة وعندهم مصادر رزق أُخرى. فصمّم أن يباشر في الصّناعة، وفتح فرنًا، يعمل بواسطة السّولار، في واحدة من غرف بيته، في جانب الطّريق الرّئيس، وأخذ يُنتج الخبز.

عام 1945 م. قرّر الانتساب إلى الشّرطة، بالرّغم من معارضة والده الّذي فضّل أن يظلّ ابنه يدير أعمال الفرن المذكور، لكنّ أملًا لبس البزّة الشّرطيّة وتقرّر أن تكون خدمته في ميناء حيفا، وكانت مسؤوليّته منع التّهريب ومنع استغلال واستعمال البضائع الكثيرة الدّاخلة والخارجة من قِبل عصابات أو لصوص أو تُجّار مع بعضٍ من الموظّفين.

سنة 1953 كان أوّل متعهّد درزيّ. أمّن العيش لأكثر من مائة وعشرين عائلة من الكرمل ومن الجليلَين.

المسيرة السّياسية والمناصب الّتي أشغلها

عام 1954 م. أُرسل أمل ليتعلّم العبريّة في معهد “اوهلو” القريب من طبريّة، وبرز هناك وأصبح خرّيج هذا المعهد. وفي عام 1957 م. تقرّر إجراء انتخابات للمجلس المحلّيّ في الدّالية فقرّر أمل خوض المعركة بأسلوب جديد وبعقليّة مُستحدثة وبأنماط لم تعهدها القرية، وفي سبيل ذلك شكّل قائمة بأسماء شبّان من القرية لا تمثّل العائلات، وسُمّيت القائمة “قائمة الشّباب الأحرار”، وقد فاز عضوان في الانتخابات من أصل 9 أعضاء من القائمة نفسها.

عام 1959 م. انضمّ إلى كتلة الشّيخ صالح خنيفس الّذي ترشّح للكنيست في قائمة مستقلّة. وعام 1960 م. كان أوّل درزيّ يُعيّن عضوًا في اللّجنة التّنفيذيّة وفي إدارة الدّائرة العربيّة في الهستدروت العامّة، كما كان أوّل من عُيّن من قِبل السّكرتير العامّ للهستدروت، أهرون بيكر، مديرًا لقسم الجنود المُسرّحين. وعام 1961 م. أنهى دورة أكاديميّة في الجامعة العبريّة، في القدس، لإداريّين في الهستدروت.

وبعد أربع سنوات، عام 1965 م.، التحق بدورة في الجامعة العبريّة وأنهى دراسته في موضوع العلوم السّياسيّة والشّرق أوسطيّة، واجتاز بنجاح دورة جامعيّة أُخرى في موضوع العلاقات بين بني البشر.

عام 1972 م. أسند اليه مناحيم بيغن، رئيس المعارضة آنذاك، منصبَ رئيس الدّائرة غير اليهوديّة “حركة حيروت” الّتي أصبحت بعد ذلك كتلة التّكتُّل “هَليكود”.

وفي عام 1977 م. انتُخب عضوًا في الكنيست التّاسعة ضمن قائمة حزب “حيروت”. وانتخب للكنيست لأربع دورات متتالية، للكنيست الثّامنة والتّاسعة والعاشرة والحادية عشرة.

وفي شهر أيّار من عام 2005 م. عُيّن عضوًا فعّالًا في مجلس إدارة بيغن للعلوم والبحوث، بناءً على اقتراح رئيس الوزراء، أريك شارون في حينه.

قام أمل نصر الدّين، ولم يزل يقوم، بتمثيل الدّولة في لقاءات دوليّة في أوروبّا، حيث يشرح مواقفها وسياستها. وتربطه علاقات طيّبة مع المجتمع البدويّ في البلاد، وهو يشترك دائمًا في المناسبات الرّسميّة مع أبنائه.

مشاريعه وخدماته من أجل الطّائفة الدّرزيّة

عام 1957 م. قرّر أن يقوم بمظاهرة أمام مكتب رئيس بلديّة حيفا، آبا حوشي، وهو واحد من كبار زعماء الدّولة ومؤسّسيها، وقد بادر إلى هذه المظاهرة احتجاجًا على عدم إعطاء الدّروز حقوقهم، وتعبيرًا عن عدم رضاه عن استغلال الدّين الدّرزيّ من قِبل عدد من الشّخصيّات الّتي جعلت الدّين وسيلةً لتهرُّب الشّبّان الدّروز من الخدمة الإجباريّة، مع العِلم أنّهم لم يكونوا كذلك من قبل، فكان أمل من مؤيّدي التّجنيد بصورة عامّة، وفي الوقت نفسه كان يؤيّد عدم تجنيد الشّابّ الدّرزيّ المتديّن الحقيقيّ.

في عام 1962 م. انتُخب سكرتيرًا للجنة عمّال قريتَي دالية الكرمل وعسفيا. وأدخل فرع البنك العربيّ إلى القرية، وتمّ تحويل البنك العربيّ إلى بنك ليئومي.

كان أمل نصرالدّين من أصحاب قرار، بالاشتراك مع الشّيخ لبيب أبو ركن والشّيخ صالح خنيفس والشّيخ حسين عليّان والقيادة العسكريّة، إقامة مقبرة عسكريّة مركزيّة في عسفيا، وبعدها أُقيمت مقابر عسكريّة أُخرى في البلدات الدّرزيّة منها: حرفيش، بيت جنّ، المغار، يانوح، شفاعمرو وأبو سنان. وكان هو أوّل من افتتح عيادة صندوق المرضى “كلاليت”.

وفي عام 1963 م. استطاع تأمين مياه الرّيّ للمزارعين في قرية عسفيا. وبادر عام 1964 إلى مشروع الإسكان، فأقنع وزارة الإسكان بإقامة أحياء للجنود المُسرّحين في قريتَي دالية الكرمل وعسفيا.

وعام 1964 م. أقام أمل نصرالدّين، بالتّعاون مع رئيس مجلس عسفيا المحلّيّ آنذاك، الشّيخ نجيب منصور، المدرسة الثّانويّة المهنيّة “اورط” في عسفيا. وكان أوّل من أدخل الصّناعة إلى عدد من القرى عام 1968 م.، وأوّل من شكّل وأقام مجلس عمّال مشترك في الكرمل لا يقلّ أهمّيّة عن السُّلطة المحلّيّة. وبعد عام واحد، في 1969 م.، تظاهر أمام بناية رئاسة الوزراء، في القدس، لتصنيع القرى الدّرزية، وحينها خرج عضو الكنيست الشّيخ جبر داهش معدّي للتّضامن معه. وفي العام نفسه استشهد نجله، لطفي نصرالدّين، في معركة مع المُخربّين، فكان والده، أمل نصرالدّين، مؤسّس جمعيّة “ياد لَبَنيم” الدّرزيّة (بيت الشّهيد الدّرزيّ) في عام 1980 م. الّتي ترعى شؤون العائلات الثّكلى والّتي أصبحت، اليوم، المؤسّسة الدّرزيّة العليا لإحياء ذكرى الشّهداء، وأُقيم الاحتفال بحضور جماهير غفيرة بافتتاح المؤسّسة عام 1982 م.. وفي العام 1969 م.، أيضًا، استطاع تجنيد مبلغ 100 ألف دولار من مُحسن أمريكيّ وجنّده في إقامة بناية خاصّة لصندوق المرضى في عسفيا.

عام 1970 م. أصدر المجلّة الدّرزيّة الأولى في البلاد بعُنوان الكرمل، تحوّلت فيما بعد إلى مجلّة الهدى. وقد أصدر مع زميلاه: المفتّش عمانويل شحراي والمربّي دافيد بيلد، عام 1974 م.، كتابًا باللّغات الثّلاث: العربيّة، العبريّة والإنجليزيّة، بعُنوان شُركاء في المصير، عن الطّائفة الدّرزيّة، وكان من أضخم الإصدارات عن الطّائفة.  

وفي أوائل الثّمانينيّات عمل أمل نصرالدّين على تحصيل سيّارة اسعاف للحالات الخاصّة، كانت تابعة لمؤسّسة الشّهيد الدّرزيّ. وفي عام 1882 م. أيضًا، في خضمّ “سلامة الجليل” وحرب لبنان، توجّه إلى رئيس الحكومة آنذاك، مناحيم بيغن، وطلب منه أن يوافق على دخول وفد برئاسة فضيلة الشّيخ المرحوم أمين طريف، الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة، إلى منطقة حاصبيّا، وزيارة خلوات البيّاضة الّتي هي معقل الموحّدين الدّروز. ومن أجل إعداد كادر مؤهّل مكوّن من معلّمات درزيّات افتتح عام 1986 م.، بالتّعاون مع وزارة المعارف والثّقافة، كلّيّة خاصّة لتأهيل المعلّمات في يركا، ومنها انتقلت إلى كلّيّة “غوردون” في حيفا، ولم تزل تخرّج المعلّمات المؤهّلات حتّى يومنا هذا.

في عامَي 2003-2004 نال أمل نصرالدّين عدّة أوسمة وشهادات تقديريّة من جهات حكوميّة ورسميّة، نذكر منها: وسام رئيس الدّولة، وسام الطّائفة الدّرزيّة، وسام منتدى السُّلطات المحلّيّة الدّرزيّة، وسام نقابة العمّال العامّة “الهستدروت”، معهد بيغن للبحوث والعلوم، وسام الوكالة اليهوديّة، إلى جانب شهادات تقديريّة من مضافة المنزول في عسفيا، وأُخرى من جمعيّة الضّبّاط الدّروز المسرّحين، ومن النّوادي النّسائيّة “فيتسو” ونادي نساء الضّبّاط الدّروز.، كما استلم العشرات من الكؤوس والأعلام والميداليّات المتنوّعة، منها العسكريّة والمدنيّة.

قدّم أمل نصرالدّين خدمات للعائلات الثّكلى، وهو لم يزل يقدّمها طوال الوقت في المجالات كافّةً، ويهتمّ بحلّ مشكلاتها.

من بين مبادراته نذكر مبادرته إلى طلب الموافقة على منح المرأة الدّرزيّة، الزّوجة أو الأمّ، مساعدات ماليّة لشراء سيّارة للعائلة، من دون أن تكون حائزة على رخصة قيادة، كما يتطلّب القانون. كما أنّه خصّص مساحات وأراض للأماكن المقدّسة؛ إذ اقترح تخصيص مساحة 350 دونمًا لمقام النّبيّ شعيب، عليه السّلام، في حطّين، و-213 دونمًا لمقام سيّدنا سبلان، عليه السّلام، في حرفيش، وقد خُصّصت ميزانيّات للخلوات وللأماكن المقدّسة ولبيوت الشّعب أيضًا.

في عام 2007 م. أقام أمل نصرالدّين، خلال عشرة أشهر، الكلّيّة قبل العسكريّة الأولى من نوعها في المجتمع الدّرزيّ، في مقرّ مؤسّسة الشّهيد الدّرزيّ في دالية الكرمل. وعام 2010 م. جعل في مؤسّسة الشّهيد الدّرزيّ جناحًا خاصًّا مُعدًّا لكاتب باحث يستطيع المكوث فيه مدّة أيّام أو أسابيع من أجل أن يبحث في الطّائفة الدّرزيّة ويكتب عنها.

***

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. حلبي، مصباح. تحيّة.. ووفاء.. إلى أمل نصرالدّين. دالية الكرمل: آسيا، 2010.
  2. فلاح، سلمان. الدّروز في إسرائيل. التّرجمة عن العبريّة: سلمان فرّاج وفايز عزام. القدس: السّكرتاريّة التّربوية للدّروز في وزارة المعارف والثّقافة، 1989.
  3. ناطور، سميح. أمل نصرالدّين. دالية الكرمل: آسيا. 2005.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה