لُغةً؛ “الرّضا” أو الرّضى” هو الاختيار والقبول المترتّبان عن المحبّة، والرّضا بالشّيء يعني الرّكون إليه وعدم النّفرة منه، وهو ضدّ السُّخط؛ فإذا تحقّق خُلُقًا توحيديًّا كان ثمرةً من ثمرات المعرفة الرّوحانيّة المترتّبة عن اليقين بالحقّ، المُولِّدة لاستشعار وجود الله وتنزيهه. والمعرفة في هذه المنزلة تملأ قلب المؤمن بالمحبّة والخوف والرّجاء، فيصير الرّضى، كما يقول السّالكون، “سرورَ القلب بِمَرّ القَضا، وسُكونَه تحت جريان الحُكم بما أراد مَن له المُلك”. فمَن رضي قانِتًا كان من الّذين ﴿رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾، فرِضى العبدِ عن الله ألّا يكره ما يجري به قضاؤه، ورضى الله عن العبد ألّا يراه مؤتمرًا بأمره ومنتهيًا عن نهيه.

لعلّ من أعظم الثّمار الّتي يجنيها أهل الرّضا هي الفرح والسّرور بخالق الكون، جلَّ وعَلا، فإذا صبَغ المؤمن الموحّد حياته برضاه عن مولاه، ورَضِي المولى، عزّ وجلَّ، عنه، عاش عيشةً هنيّةً في الدّنيا والآخرة. فالرّضا عن الله بقضائه، والرّضا بالدّون من العيش، والرّضا برِزق الله تعالى وبما قسَمَه للإنسان، والرّضا بالمُصيبة ونوائب الدّهر، يجعل الموحّد في حياة مطمئنّة، وهدوء بال، وراحة نفْس، إلى جانب تحصيل الأجر الكثير، ومغفرة الذّنوب، هذا في الحياة الدّنيا، أمّا الآخرة فالفوز بالجنان والرّضوان.
أمّا بعد فإنّ الخير كلّه في الرّضا، فإن استطعت أن ترضى، وإلّا فاصبر.
***
للاستزادة والتّوسُّع:
- أبو ترابي، جميل. من هم الموحّدون الدّروز؟. دمشق: دار علاء الدّين، 2003، ص. 26-28.
- توفيق، سلمان. أضواء على تاريخ مذهب التّوحيد. بيروت: د.ن.، 1963.
- أبو زكي، فؤاد. الأمير السّيّد جمال الدّين عبدالله التّنّوخيّ؛ سيرته، أدبه. د. م.: د. ن.، 1997.
- نويهض، عجاج. عبدالله التّنّوخيّ والشّيخ محمّد أبو هلال. ط. 2؛ بيروت: د. ن.، 1963.