السّتّ زاد الخير العِنداريّ

السّتّ زاد الخير العِنداريّ

السّتّ زاد الخير العنداريّ؛ سيّدة موحّدة عُرفت بتقواها وفضلها، وُلدت في مطلع القرن الميلاديّ العشرين في أُسرة العنداريّ، في حيّ من أحياء بلدة العباديّة يُدعى المزرعة، ونشأت في بيئة جبليّة درزيّة أصيلة. والدها الشّيخ المرحوم أبي حسن العنداريّ ووالدتها السّتّ أمّ حسن العنداريّ.

مثّلت السّتّ زاد الخير نموذجًا للمرأة الموحّدة الدّرزيّة في أسمى صورها؛ إذ كانت قد اضطلعت بدور جوهريّ في تعزيز مكانة المرأة في المجتمع التّوحيديّ، مُكرّسة حياتها للعِلم الرّوحانيّ والتّربية التّوحيديّة. حظيت بمكانة رفيعة بين أهل العِلم ومشايخ الدّين، إذ عُدَّت من النّساء الخمس الأوائل اللّواتي أُجمع على طهارتهن وسموّ فضلهن منذ انطلاق الدّعوة وحتّى عصرها.

والدها: الشّيخ أبو حسن نايف العنداريّ

كان الشّيخ الرّاحل أبو حسن نايف العنداريّ شخصيةً متميّزةً بمناقبها الرّفيعة وسماتها الأخلاقيّة الرّاقية. تميّز بالخشوع والمراقبة الدّائمة والذِّكر المستمرّ، وكان، رحمه الله، مثالًا في بساطته وطيب أخلاقه. ومن أعظم ما يُروى عنه حسن ظنّه بمولاه؛ إذ كان كلّما شرع في أمر ما يستفتحه بالدّعاء قائلًا: “بسم الله الرّحمن الرّحيم، اللّهمّ أحسِن عاقبتنا في الأمور كلّها. اللّهمّ أجِرنا من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة. اللّهمّ أرِنا الحقَّ حقًّا وارزِقنا أتباعه. وأرِنا الباطل باطلًا وارزِقنا اجتنابه سبحانك ما أكرمك، وبحالي ما أعلمك. وعلى فرجي ما أقدرك. أنت ثقتي ورجائي”.[1]

ويُروى أنّ واحدًا من جيرانه اعتدى عليه بالضّرب بسبب صمته عن إجابته، فما كان من الشّيخ أبي حسن نايف العنداريّ إلّا أن تكتّف، وأحنى رأسه، وجلس على الأرض، متحلّيًا بالحلم والصّبر؛ إذ لم يُرد أن يصدر عنه ردّ فعل قد يُفضي إلى إساءة أو يؤدّي إلى فتنة وشرّ.

وفي تقديرٍ لمسيرته الزّاخرة بالورع والاستقامة، حضر المشايخ الأعيان، بقيادة سيّدنا الشّيخ أبي حسين محمود فرج، وعرضوا عليه تتويجه بالعمامة المكوّرة اعترافًا بمكانته الرّفيعة، غير إنّه اعتذر عن قبولها بتواضع، مجسّدًا بذلك عمق زهده وسموّ أخلاقه.

رحل الشّيخ أبو حسن نايف العنداريّ عن الدّنيا عام 1983 م.، تاركًا إرثًا من التّقوى والفضيلة، تغمَّدَه الله تعالى بواسع رحمته.

والدتها: السّيّدة أمّ حسن العنداريّ

كانت والدتها، السّيّدة الفاضلة التّقيّة النّقيّة أمّ حسن العنداريّ، مثالًا للمرأة الصّالحة المجتهدة؛ إذ خصّصت وقتها لمساندة زوجها في أعمال الزّراعة، فكانت تبذل أقصى جهدها لإنجاز مهامّها بسرعة، حتّى يتسنّى لها العودة إلى كتابها لحفظه وتدبّره. ومع أنّها كانت أُمّيّة، فقد علّمت نفسها بنفسها، وحفظت ما تيسّر لها، متجاوزةً بذلك قيود الجهل ومُقبلةً على نور المعرفة الرّوحانيّة. ولمّا رحلت ابنتها، السّتّ زاد الخير، عن الدّنيا، غاصت أمّ حسن في أحزانها العميقة، لكنّها احتسبت مصابها عند لله عزّ وجلّ. فازدادت ورعًا وتعبّدًا، مخصّصةً وقتها للذِّكر والتّأمّل في الحكمة الإلهيّة. وبعد وفاة زوجها بعام تقريبًا، وافت المنيّة السّيّدة أمّ حسن، ودُفنت إلى جوار ضريح ابنتها، السّتّ زاد الخير، رحمهم الله جميعًا.

نشأتها العلميّة والرّوحانيّة

نشأت السّتّ زاد الخير في كنف أُسرة أولَت التّربية الرّوحانيّة والمعرفيّة أهمّيّة قصوى، فتشرّبت أصول الحكمة والرّزانة، وتميّزت بقدرة فريدة على استيعاب العلوم التّوحيديّة متجلّيةً في التزامها بفريضة الإحسان.

كما تميّزت بخطّ بديع، اتّسم بجمال نادر جعل قارئه يستشعر صفاء روحها ونقاء سريرتها. أسهمت في تدريس العلوم الرّوحانيّة للطّلّاب، ونسخت الآيات بخطّ يدها مستحضرةً روح القدسيّة والخشوع. ومع حداثة سنّها؛ إذ لم تتجاوز الثّالثة والعشرين، أتمّت اختتام المكرم الشّريف أكثر من مرّة، وظلّت على مدى حياتها مُقبلة على الطّاعة ومثالًا للورع والتّقوى، متفانيةً في سعيها إلى الكمال الرّوحانيّ والمعرفيّ.

مواقف بارزة من حياتها

يُروى أنّه في يوم من الأيّام، أصدرت الحكومة الفرنسيّة أمرًا بإقلاع خمسين طائرة حربيّة، فحلّقت الطّائرات فوق بلدة العباديّة، ما أثار دهشة السّكّان الّذين تدافعوا لمشاهدة هذا المشهد المهيب. غير إنّ السّتّ زاد الخير ظلّت داخل منزلها، فحين طلب منها والدها أن تخرج لرؤية هذا العرض الاستثنائيّ، أجابته بحزم: “هذا حديد واختراع أبالسة”. كما يُنقل عن والدتها أنّه عند تقديم الطّعام لها، كانت تسألها عمّا إذا كان مذاقه حلوًا أم مالحًا، فلا تجيب على الفور، بل كانت تعيد التّذوّق قبل أن تردّ، إذ لم تكن ملتفتةً إلى متع الحواسّ بقدر ما كانت منشغلة بالفكر الرّوحانيّ وتغذية النّفس بالنّور الإلهيّ، مدركةً أنّ غذاء الرّوح أسمى من غذاء الجسد. لقد كانت، رحمها الله، نموذجًا نادرًا لجمع الفضائل، مُتميّزةً بحكمتها العميقة، وتأمّلها المستمرّ، واعتبارها الدّائم لما هو أسمى من المادّيّات. وكان اشتغالها بالعبادة والطّاعة دينها، حتّى ارتفعت مكانتها وسمى مقامها وحسُن مرقدها.

وفاتها وإرثها الرّوحانيّ

عاشت السّتّ زاد الخير العنداريّ حياتها مقبلةً على طاعة ربّها، متحلّيةً بالصّبر على الابتلاء، محتسبةً ما أصابها من محن سبيلًا للسّموّ الرّوحانيّ والتّقرّب من المولى جلّ وعلا. خصّصت وجودها للعبادة والزُّهد فازدانت سيرتها بالورع والتّقوى، حتّى غادرت الدّنيا في عام ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين للميلاد، وكان يوم وفاتها مشهودًا، اجتمع فيه المشايخ الأتقياء تكريمًا لمسيرتها النّقيّة، واحتفاءً بإرثها الرّوحانيّ العميق. وُضعت في ضريح خاصّ بها، ليظلّ اسمها رمزًا للطّهر والعبادة، شاهدًا على حياةٍ نذرتها للخير والإحسان.

__________________________________________

[1] العريضيّ، مناقب الأعيان، ج. 5، ص. 263.

***

للتّوسُّع والاستزادة:

العريضي، فرحان. مناقب الأعيان. عرمون: مؤسّسة النّاس، ج. 5، 2024.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה