السّتّ سارة

مظهر مُبكر للنّشاط النّسائيّ تحت رعاية النّظام الأبويّ يتجسّد في نشاط الدّاعية السّتّ سارة، رضي الله عنها، ابنة أخ الدّاعي الخامس، بهاء الدّين أبو الحسن عليّ بن أحمد السّمّوقيّ (توفّي عام 1043 م.)، عليه السّلام.

اكتسبت السّتّ سارة درجة عالية من الشّهرة عند جماعة الموحّدين، في فترة الدّعوة، وقد أُرسلت في مهمّتَيْن تتعلّقان بالدّعوة التّوحيديّة؛ الأولى كانت إلى وادي التّيم، في جنوب لبنان، والثّانية إلى منطقة الأحساء، في شبه الجزيرة العربيّة – معقل القرامطة. وقد وُصفت شخصيّتها في النّصوص المقدّسة وفي سجّلات المذهب التّوحيديّ بأنّها رمز الطّهارة، ذلك بسبب تفانيها في سبيل الدّعوة، وطبعًا بسبب امتناعها عن الزّواج أيضًا.

مع ذلك فقد حرصت كلّ الحرص، في نشاطها، على الالتزام بالقواعد الأخلاقيّة الخاصّة بجماعة الموحّدين، فلم تخرج أبدًا من دون مرافقة المَحْرَم (شخص ذو قربى من الدّرجة الأولى). وقد نالت السّتّ سارة ثقة الدّاعي المركزيّ، بهاء الدّين، وتقديره، وذُكر في واحد من المصادر أنّها المرأة الوحيدة الّتي أضيفت إلى قائمة النّخبة، مع أنّها امرأة، فمن الطّبيعيّ ألّا يكون حضور نسائيّ في صفّ النّخبة الرّوحانيّة لدُّعاة المذهب، لكنّها حقّقت هذه المكانة العالية بفضل تصميمها وطهارتها، وفي هذا دليل على الجانب الذّكوريّ من الدّعوة. ومع أنّ السّتّ سارة لم تلعب دور البديل، غير أنّ انتماءها العائليّ ساعدها في تبوّؤ منصب رفيع بين أتباع المذهب التّوحيديّ.[1]

يمكن الإشارة إلى توجُّه عند طائفة الموحّدين الدّروز في لبنان وهو النّساء اللّواتي يلعبنَ دورًا قياديًّا في الحياة العامّة وحتّى الدّينيّة لهذه الطّائفة. كذلك فإنّ القاسم المشترك لأولئك النّساء جميعهنّ هو أنّهن يتشاركنَ مكانة اجتماعية-نخبويّة؛ أي إنّ غالبيّتهنّ يحظينَ بمكانة اجتماعيّة مرموقة وينتمينَ إلى عائلات قياديّة في الطّائفة الدّرزيّة في لبنان. علاوةً على ذلك فبخصوص غالبيّة النّساء اللّواتي لعبنَ دورًا قياديًّا في الحياة العامّة فقد نِلنَ دورهنّ هذا من أجل ملء الفراغ القياديّ الّذي عانته العائلة القائدة آنذاك.

الشّيخة نايفة جنبلاط هي نموذج للمرأة الموحّدة الّتي تنتمي إلى مكانة نخبويّة، سليلة عائلة جنبلاط، الّتي جمعت في شخصيّتها المكانة الدّينيّة إلى جانب القيادة السّياسيّة. استطاعت الشّيخة نايفة أن تكون من النّساء المتعلّمات المثقّفات في وقت كانت فيه معرفة القراءة والكتابة لدى النّساء امتيازًا اجتماعيًّا من دون أدنى شكّ. تزوّجت الشّيخ خليل شمس، سليل عائلة ذات نفوذ في منطقة حاصبيّا، وبعد وفاته تولّت مقاليد القيادة في حياة الموحّدين الدّروز، وبرزت، في الأساس، في محاولتها لتحقيق المصالحة خلال الحرب الأهلّيّة الدّمويّة عام 1860 م.[2]

شهد المجتمع الدّرزيّ في إسرائيل، مثله مثل بقيّة فئات المجتمع العربيّ، تحوّلات كبيرة منذ قيام الدّولة. من التّحوّلات الّتي باتت سِمة مميّزة الزّيادة الكبيرة في عدد النّساء الدّرزيّات المتعلّمات. على الرّغم من سيرورة الحداثة، الدّراسة العليا، الخروج إلى سوق العمل وما إلى ذلك، لم تتمكّن النّساء الدّرزيّات في إسرائيل بعد من تبوُّء مناصب قياديّة في ساحة المجتمع السّياسيّة. في المقابل، النّساء الدّرزيّات في لبنان حافظنَ، باستمرار، على مكانة بارزة في صفوف القيادة السّياسيّة والعامّة للمجتمع.

____________________________________________

[1]  الشّيخ محمّد بن عبد المالك الأشرفانيّ، عمدة العارفين في قصص النّبيّين والأُمم السّالفين (د. م: د. ن.، د. ت.)، ص. 340-345؛ العقيليّ، خبايا الجواهر، ص. 329-330 (مخطوط في حوزة الكاتب).

[2] نادية نويهض الجرديّ، نساء من بلادي (د. م.: المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، 1986)، ص. 70-73.

***

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. الأشرفانيّ، محمّد بن عبد المالك. عمدة العارفين في قصص النّبيّين والأُمم السّالفين. د. م: د. ن.، د. ت..
  2. الجرديّ، نادية نويهض. نساء من بلادي. د. م.: المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، 1986.
  3. العريضيّ، أبو صالح فرحان سعيد. مناقب الأعيان. عاليه: مدرسة الإشراق.
  4. أبو عزّ الدّين، نجلاء. الدّروز في التّاريخ. شفاعمرو-الرامة: منشورات العرفان، د. ت..
  5. العقيليّ. خبايا الجواهر (مخطوط).
  6. ناطور، سميح. “سارة، السّتّ”، الموسوعة التّوحيديّة. سميح ناطور (تحرير)، ج. 3 (2011).

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה