السّتّ نسب، رضي الله عنها

السّتّ نسب، رضي الله عنها، هي أميرة تنّوخيّة، وهي شقيقة الأمير سيف الدّين التّنّوخيّ، من عبيه، ووالدة الأمير فخر الدّين الثّاني المعنيّ. تزوّجت الأمير قرقماز المعنيّ، ابن الأمير فخر الدّين الأوّل، وكان في أوج قوّته وشهرته، أمّا هي فكانت على جانب عظيم من الجمال والعِلم والذّكاء، وقد أعانت زوجها، الأمير قرقماز، في تحمُّل أعباء الإمارة وتقوية الوحدة بين أمرائها، الأمر الّذي أتاح لزوجها العمل على تقوية البلاد في مجال الأمن والتّجارة والزّراعة، ونشر العدل والمساواة على أساس المواطنة، من غير تمييز دينيّ.

عام 1584 م. توجّه إبراهيم باشا، والي مصر، إلى لبنان وهاجم البلاد من البرّ والبحر، فدافع الدّروز وأعوانهم من سكّان البلاد عن الإمارة المعنيّة، وبلغ عدد ضحايا الهجوم 60 ألفًا، وقد قُتل الأمير قرقماز في تلك المعركة، فانهارت البلاد ونُهبت وسُلبت.

توفّي الأمير قرقماز تاركًا وراءه ولدَيْه، فخر الدّين ويونُس، وبعد وفاته أصبحت والدتهما، السّتّ نسب، المسؤولة عن رعايتهما، فأشارت على مربّيهما، الحاجّ كيوان، أن يخبّئهما في قضاء كسروان مدّة ستّ سنوات، حيث ترعرعا بين آل خازم، وقد كُتم خبرهما خوفًا من بطش العثمانيّين.

بعد وفاة زوجها لم تفتر عزيمة السّتّ نسب، واتّبعت المثل القائل “حيث يعزّ الرّجال فكن ألف رجُل”. وبقيت تدير شؤون الشّوف مع أخيها، سيف الدّين، وابنها، فخر الدّين، فكان الاثنان خير عون في الصّمود أمام المحن خاصّة تلك الّتي واجهت الأمير فخر الدّين في بداية حُكمه. أدارت السّتّ نسب، بمساعدة أخيها سيف الدّين، البلاد واسترجعت نفوذ الإمارة في المنطقة رويدًا رويدًا، باعتمادها على المخلصين للعائلة وعلى رجال الدّين الدّروز الّذين رأوا فيها خير من يحفظ البلاد، وذلك احترامًا لزوجها وأهلها ولما عرفوه عنها من قدرة وذكاء.

ولمّا هدأت الأوضاع استرجعت السّتّ نسب ولديها، وسلّمت ابنها الأمير فخر الدّين الثّاني زِمام الأمور، وبقيت إلى جانبه مُعينًا له حتّى ازدهرت البلاد وتوسّعت وعادت إلى سابق عهدها أيّام والده، الأمير قرقماز، وظلّت كذلك إلى أن هاجمه العثمانيّون مرّة أُخرى، بقيادة حافظ باشا، والي دمشق، فأشارت السّتّ نسب على ولدها ترك البلاد واللّجوء إلى أصحابه، أمراء توسكانيا، في إيطاليا، وبقيت هي تدير بلادها مع ولدها يونس كما من قبل.

ارتكزت سياسة السّتّ نسب إلى ثلاثة أمور:

  1. عملت السّتّ نسب وابنها، فخر الدّين، على تقوية الوحدة الدّاخليّة بين الطّوائف كافّةً من خلال صهر السّكّان جميعًا في كيان واحد؛ إذ ضمّا جيش الدّروز وجيش المسيحيّين على حدّ سواء، وعاملا الأجانب معاملة حسنة وسمحا لتجّارهم وإرساليّاتهم الدّينيّة أن يعملوا في البلاد؛
  2. توخّي الحذر من الأمراء المجاورين وتحيُّن فرصة الانتقام منهم. قضى فخر الدّين على أعدائه من الأمراء المجاورين، مثل: آل فريخ وآل الحرفوش وآل سيفا وغيرهم، ولو أتيحت له مساعدة أوروبّيّة لحماية موانئه لاستطاع أن يقيم دولة عصريّة متنوّرة؛ لأنّه لم يكن يملك من القلاع والحصون والمحاربين ما يكفل له الصّمود في البرّ؛
  3. إرضاء العثمانيّين بالهدايا، وعدم الاعتماد عليهم.

ذلك كلّه والسّتّ نسب واقفة إلى جانب ابنها فخر الدّين ترشده وتعينه وتشرف على كلّ صغيرة وكبيرة.

أدركت السّتّ نسب أنّ العثمانيّين حُكّام ظلّام وأنّ جلّ ما يهمّهم هو المال، فحسمت أمرها وقرّرت أن تحافظ على أرواح النّاس والممتلكات والأعراض مهما كلّفها الأمر. فدَعَت خيرة مشايخ الشّوف وأخبرتهم إنّها تريد أن “تكفّ شرّ” والي الشّام، حافظ باشا، عن الدّيار، وكان الوالي قد طلب ثلاثمائة ألف قطعة ذهبيّة، فاقترحت السّتّ نسب إعطاءه مائة وخمسين ألف قطعة ذهبيّة تسترضيه بها، وتبقى هي رهينة لديه حتّى يستطيعوا تأمين المبلغ المتبقّي في العام القادم. قبل المشايخ اقتراحها، ودعوا لها بالتّوفيق وانطلقوا جميعًا، وتكلّلت المهمّة بالنّجاح؛ إذ أمر حافظ باشا جيشه بالرّجوع عن الشّوف. لكنّ مكوث السّتّ نسب في ضيافة حافظ باشا رهينة عنده جعله يطلب المزيد من المال، وظلّ يضيّق على النّاس بالغزو والنّهب إلى أن عُزل من منصبه، وعادت السّتّ نسب إلى الشّوف بجلالة واحترام وتقدير، واستعاد ولدها يونس وحفيدها عليّ سُلطتهما على البلاد، ثمّ أرسلت تدعو ولدها فخر الدّين الثّاني الكبير إلى العودة.

أحبّ الدّروز السّتّ نسب حبًّا جمًّا ومنحوها لقب “السّتّ الكبيرة”، وأطاعوا سياستها؛ إذ نجحت في إنقاذ البلاد عدّة مرات، فنالت الاحترام ورأى فيها ولدها الأمير فخر الدّين “بركة من الله” يُوفّق بدعائها ويحتمل الملمّات برضاها، وكذلك أحبّها أبناء الطّوائف الأُخرى لسياسة التّسامح الّتي اتّبعتها معهم.

فارقت السّتّ نسب الحياة عام 1633 م. وكانت قد بلغت 86 عامًا، فحزن ابنها فخر الدّين حزنًا شديدًا وأحسّ بالضّيق، وكانت علاقته مع العثمانيّين، آنذاك، قد بدأت تسوء. وفي عام 1634 م. هاجمه العثمانيّون فشعر بالخسارة ولم يتصرّف بالحكمة نفسها الّتي تصرّف بها عام 1613 م.، ففقد إمارته وأُسر ثمّ أُعدم لاحقًا في إسطنبول.

***

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. زهر الدّين، صالح. تاريخ المسلمين الموحّدين الدّروز. بيروت: المركز العربيّ للأبحاث والتّوثيق، 2007.
  2. فلاح، سلمان؛ عزّام، فايز. من أعلام الدّروز. القدس: وزارة المعارف والثّقافة، 1980.
  3. فلاح، سلمان وآخرون. تاريخ الدّروز. القدس: وزارة المعارف والثّقافة، 1988.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה