الشّيخ المرحوم نجيب غنّام، أبو محمّد؛ ابن قرية كفرحيم، من قرى قضاء الشّوف في جبل لبنان؛ من أبرز أعلام الطّائفة الدّرزيّة وأهمّ مرجعيّاتها الرّوحانيّة في العصر الحديث. ابنه، الشّيخ محمّد غنّام، عضو المجلس المذهبيّ لطائفة الموحّدين الدّروز في لبنان ومن مُعاوني مشيخة العقل. عُرف عنه تقواه وورعه العميقَين، وهو تلميذ فضيلة الشّيخ أبي حسين محمود فرج، كما كان من المقرّبين والمرافقين لفضيلة الشّيخ أبي محمّد جواد وليّ الدّين، طيّب الله ذِكراهم جميعًا.
تميّز الشّيخ أبو محمّد نجيب غنّام بمكانة روحانيّة مرموقة؛ إذ شكّل نموذجًا يُحتذى به في الزّهد والإيمان، وأسهم في ترسيخ القيَم الدّينيّة والأخلاقيّة في أوساط أبناء الطّائفة. وقد أُقيمت عدّة لقاءات دينيّة لتأبينه، نذكر منها سهرة دينيّة كبرى جرت في السّنة نفسها الّتي توفّي فيها الشّيخ أبو محمّد، 2014 م.، في رحاب مقام النّبيّ شعيب، عليه السّلام، في حطّين، حضرها حشد من مشايخ الدّين الأجلّاء وأبناء الطّائفة المعروفيّة، بحضور فضيلة الشّيخ موفّق طريف، الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة في إسرائيل. خلال هذا اللّقاء المبارك، أُشيد بمناقب الشّيخ أبي محمّد الحميدة ودَوره الرّياديّ في دعم الشّباب المتديّنين ونشر آداب زيارة الأماكن المقدّسة.
لم يكن الشّيخ نجيب غنّام، رحمه الله، مجرّد رجل دين فحسب، بل كان رائدًا في المجال التّربويّ أيضًا؛ إذ يُنسب إليه تأسيس المدرسة الأولى في منطقة الشّوف، وحصوله على رخصة إنشاء مدارس العرفان. تشكّل هذه المدارس صرحًا تعليميًّا هامًّا يُسهم في تطوير الوعي الثّقافيّ والدّينيّ لدى أجيال متعاقبة من أبناء الطّائفة المعروفيّة. ولم يقف عطاء الشّيخ أبي محمّد غنّام عند الجانب التّربويّ فحسب، لكنّه امتدّ ليشمل الجانب الرّوحانيّ أيضًا؛ فحياته كانت حافلة بخدمة الدّين وتعزيز القيم الإنسانيّة والإيمانيّة. وتكريمًا لدَوره البارز وإحياءً لذكراه العطرة، أُنشئت في مسقط رأسه، كفرحيم، خلوة تحمل اسمه، تُعرف بخلوة الشّيخ أبي محمّد نجيب غنّام. وقد أصبحت هذه الخلوة معلمًا روحانيًّا ومركزًا للعبادة، تشهد على أثره الباقي في قلوب أبناء الطّائفة.
انتقل الشّيخ الجليل إلى جوار ربّه يوم السّبت، 7 حزيران 2014 م.، وشُيّع جثمانه الطّاهر في مسقط رأسه، قرية كفرحيم، حيث أُقيمت الصّلاة في خلوات جرنايا. واشترك في مراسم التّأبين سماحة شيخ العقل وعدد من الشّخصيّات الدّينيّة والاجتماعيّة الّذين كانت وفاته في نظرهم خسارة كبيرة للطّائفة وللإرث الرّوحانيّ والتّربويّ الّذي خلّفه الشّيخ الدّيّان أبو محمّد نجيب غنّام.
يظلّ الشّيخ المرحوم نجيب غنّام علمًا من أعلام طائفة الموحّدين الدّروز، ورمزًا للورع والتّقوى والإصلاح التّربويّ، يتوارث الأجيال ذِكره الطّيّب ودَوره المميّز في مسيرة الطّائفة الرّوحانيّة والتّعليميّة. وتبقى سيرته من السّير الّتي تنتظر التّوثيق الأكاديميّ المستحَقّ، لما تحمله من أثر دينيّ وروحانيّ في محيطها.
* * *
نظرًا لعدم توفّر مصادر مكتوبة عن المرحوم الشّيخ نجيب غنّام، يعتمد هذا المفهوم على المعرفة المجتمعيّة والرّواية الشّفويّة، بانتظار توثيق أكاديميّ مستقبليّ لسيرته.