السّيرة الذّاتيّة
الشّيخ أبو حسين إبراهيم الهجريّ، رضي الله عنه، الزّاهد، العابد، الورِع، صاحب السّيرة العطرة والمسلك التّوحيديّ النّقيّ، المرشد الدّاعي إلى التّوحيد ومرضاة الله تعالى، والمحارب الّذي قاد المعارك ضدّ العثمانيّين تصدّيًا لاستغلالهم خيرات البلاد والعباد. هو رجل دين جليل من أجاويد أبناء الطّائفة المعروفيّة، وُلد عام 1804 م. (1219 هـ.) لوالده الشّيخ محمود سلمان زين الدّين الّذي هاجر من قرية الخريبة، في الشّوف الأعلى، في لبنان، إلى أشرفيّة صحنايا، في غوطة دمشق، حيث وُلد الشّيخ إبراهيم ونشأ وترعرع في بيت فقير ومتواضع. “الهَجَريّ” هو لقب لتعلّقه بـِـ-“هَجَر”، وهو مكان في شبه الجزيرة العربيّة له مكانته الخاصّة عند الموحّدين الدّروز.
المكانة الدّينيّة
ظهرت على الشّيخ إبراهيم علامات النّجابة والنّباهة والفطنة، وكان يميل إلى الرّوحانيّات وهو دون سنّ البلوغ، وقد عُرف عنه الورع والتّقوى منذ الصّغر، وكان متعلّقًا بالعبادة. تلقّن أساسيّات القراءة والكتابة على يد والده، الشّيخ المرحوم محمود زين الدّين، ولمّا بلغ الرّشد تفقّه واجتهد في دراسة العلوم النّورانيّة حتّى أصبح من رجال الدّين الأجاويد، وقيل إنّه كان أعلم مشايخ عصره، فتوجّهت الأنظار إليه بعين الرّفعة والتّقدير وصار مرشدًا وواعظًا للعباد.
انتقل الشّيخ إبراهيم إلى جبل حوران، المعروف بـِ-“جبل الموحّدون”، بصحبة والده الّذي كان يعمل كاتبًا عند آل حمدان والّذي لُقّب بـِ-“الشّيخ محمود الخطيب” حين زاول مهنة التّعليم في السّويداء مدّة من الزّمن، وسكنا قرية قَنَوات. وفي الرُّبع الأوّل من القرن الميلاديّ التّاسع عشر كان الشّيه إبراهيم أوّل شيخ روحانيّ تولّى الرّئاسة الرّوحيّة في جبل الدّروز، في سورية، وأخد ينظّم الأمور الدّينيّة ويؤسّس مجالس القرى ويعيّن سُيّاس لها، وَفقًا لقوانين الطّائفة الدّرزيّة في لبنان.
وكان مورده حلال، فقد امتهن الحياكة على النّول وكان دخله مقبولًا يعينه على ستر الحال، ولم يزل الوتد الّذي كان يشدّ به النّول محفوظًا في بيت آل خير في قنوات. كما نسخ الكتب المقدّسة وبَرّ بها أهل الدّين من دون ثمن، طمعًا في الأجر والثّواب.
دوره التّاريخيّ
كان شيخًا مشهورًا وكان الزّعماء يستشيرونه ويأخذون برأيه، والعامّة كذلك، وكان الشّيخ إبراهيم يمثّل مرجعيّة ويُتكّل عليه في الأمور المصيريّة، والجميع يطيعونه ويحترمونه. اشترك الشّيخ إبراهيم في عدّة معارك إلى جانب إخوانه الدّروز لصدّ إبراهيم باشا، وعُرف عنه أنّه محارب شجاع، كما قيل عنه إنّه من ذوي الكرامات. كما حثّ الشّيخ المرحوم على درس كتاب الله الكريم، وأمر بفعل الخير والصّالحات والمعاملة الحسنة، ونهى عن الحرام والظّلم والرّبا، كما أمر ببناء مجالس الذِّكر وعيّن السّوّاس والأئمّة.
ديوانه الشّعريّ
نظم الشّيخ إبراهيم الهجريّ ديوان شعر، باللّهجة العامّيّة، مليء بالوجدانيات والشّوق إلى الله سبحانه وتعالى، هذا مطلعه:
“يا بدعة العلية وأشرف البريّة
حباك الله مجدًا وأنوارًا قدسيّة
أنت المليك القادر أنت النّاهي الآمر
أنت الجليل الطّاهر وبدعة محظيّة
سناك يا ذا البدر بهيّ سامي القدر”
فارق الشّيخ إبراهيم الهجريّ الحياة عام 1840 م. عن عمر ناهز السّادسة والثّلاثين فقط، ومع هذا فقد كانت له من الأعمال قصص تملأ مجلّدات. وبعد وفاته تولّى ابنه، الشّيخ حسين الهجريّ، الرّئاسة الرّوحيّة ماضيًا في طريق والده، الشّيخ الجليل، ومسلكه.
الشّيخ المرحوم أبو زين الدّين حسن العقيليّ رثاه بقصيدة نظمها، هذا مطلعها:
“اليوم قد هدّ ركن العلم والحكم يحقّ للعين أن تبكي بدمع دم
انا إلى الله من دهماء مزعجة عظماء سوداء تحكي حندس الظّلم
الله أكبر من خطب ألمّ بنا في عصرنا ذي الشّقاء والبؤس والنّقم
قد انشب الموت ايديه بذي شرفٍ سامي المقام سنيّ المجد والهمم
مبجّل طاهر الحوباء خضم فتى مهذّب حسن الأخلاق والشّيم”
***
للاستزادة والتّوسُّع:
- أبو فخر، عبد الوهّاب بشير. سيرة سيّدنا الشّيخ أبو حسين إبراهيم الهجريّ. د. م.: د.ن.، د. ت..
- موقع راية التّوحيد: https://web.archive.org/web/20210531110807/https://raia.yoo7.com/t2700-topic
- مجلّة العمامة:
- موقع سلطان باشا الأطرش: