الشّيخ أبو عليّ مهنّا فرج

سيرته

الشّيخ المرحوم أبو عليّ مهنّا فرج؛ وُلد عام 1920 م. في قرية يانوح الجليليّة لِوالدَيه الفاضلَين؛ المرحوم الشّيخ أبو قاسم محمّد فرج، والمرحومة زمرّد عبدالله فرج، وكان المرحوم أصغر إخوته.

عائلة “فرج” في قرية يانوح هي عائلة صغيرة نسبيًّا، ومع هذا فهي تتبوّأ مركزًا اجتماعيًّا ودينيًّا كبيرًا، وكما جاء في كتاب الأصول والأنساب، ليحيى حسين عمّار، عن آل فرج: “آل فرج موضوع متعدّد الجوانب، كثير الوجوه. حتّى مع الاختصار تبقى جبهة البحث في تاريخهم عريضة…”.

نشأ الشّيخ أبو عليّ مهنّا في ظلّ رعاية والديه، فتبع خطاهم في نهج الدّين والأخلاق الفاضلة، متميّزًا منذ نعومة أظفاره. كان هو وإخوته يعملون في تربية المواشي والدّواجن، بالإضافة إلى عملهم في الزّراعة.

عام 1943 م. تزوّج الشّيخ أبو علي مهنّا السّيّدة الفاضلة نعامة فندي غانم، رحمها الله، من قرية كسرى، وكان حينها في ريعان شبابه؛ إذ بلغ من العمر الثالثة والعشرين. كوّن الشّيخ مع زوجته أسرةً ضمّت أربعة أبناء: عليّ الّذي وُلِد في عام 1951 م.، يوسف الّذي جاء إلى الدّنيا في عام 1957 م.، هَنا الّتي وُلِدت في عام 1945 م.، وفرجيّة الّتي وُلِدت في عام 1954 م.، وقد وافت المنيّة زوجته، رحمها الله، عام 2005 م. عن عمر ناهز الثّمانين عامًا، تاركةً وراءها إرثًا من القِيم الأصيلة.

مكانته

كان الشّيخ أبو عليّ مهنّا يُعدّ المحور والمركز والمرجع في الأمور كافّةً الّتي تخصّ أبناء القرية، وكان المُشير في أمور الطّائفة أيضًا، ونال محبّة الكبير والصّغير في البلاد؛ إذ رأوا فيه التّقوى ورحابة الصّدر والتّعلُّق بالخالق جلّ وعلا. وقال عنه مشايخ خلوات البيّاضة: “ركن من أركان وعلَم ومن أعلام الموحّدين، زيّن بحضوره مجالس الذِّكر”.

عام 1952م. توفّي والده، المرحوم الشّيخ أبو قاسم محمّد فرج، عن عمر ناهز الخامسة والتّسعين عامًا، وفي يوم الجنازة اتُّخذ قرار على يد مشايخ الطّائفة أن يُعيَّن الشّيخ أبو عليّ مهنّا فرج سائسًا للخلوة، خلفًا لوالده المرحوم، وكان يبلغ من العمر، آنذاك، اثنين وثلاثين عامًا، وبدأ في إدارة شؤون القرية الدّينيّة والاجتماعيّة. وبعد أسبوع من وفاة والده وتعيينه سائسًا للخلوة حضر المرحوم سيّدنا الشّيخ أبو يوسف أمين طريف، رضي الله عنه، الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة آنذاك، لزيارة الشّيخ مهنّا، وطُلب منه أن يقلّده العباءة المقلّمة الّتي ارتداها والده المرحوم من قبله، وهكذا كان.

كان للمرحوم الشّيخ أبي عليّ مهنّا رحلة للأقارب في سورية، إلى جبل العرب ومحافظة السّويداء، ورحلة أُخرى إلى لبنان لزيارة إخوان الدّين. وقد فارق الحياة في الرّابع عشر من تمّوز عام 2018م. عن عمر ناهز الثّامنة والتّسعين، وذلك بعد تدهور صحّته، وحضر الجنازة آلاف المشيّعين يتقدّمهم فضيلة الشّيخ أبو حسن موفّق طريف، الرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيّة.

كلمة فضيلة الشّيخ أبو حسن موفّق طريف:

“باسم الله الرّحمن الرّحيم ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم. يا أيّتها النّفس المطمئنة ارجِعي إلى ربّك راضية مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي، صدق الله العظيم.

الحمد لله على ائتمان ما أودع، وله الشّكر على إيفاء ما استردّ وأرجَع، سبحانه حكم على عباده بالفناء والزّوال، وتوحّد بالمجد والكبرياء والإجلال وتفرّد بالملك والملكوت، والقدرة والجبروت، وهو الدّائم الباقي، الحيّ الّذي لا يموت.

لقد نفذ قدر الله الجاري بوفاة تاج العارفين، وعلَم الثّقات والموحّدين، عميد التُّقى، النّبراس الجليل الطّاهر، وسراج الهدى المفضال المنير الزّاهر، المأسوف على فريد فضائله، وحميد صفاته وخصائله، الفقيد الكريم، الرّاحل المقيم، شيخنا الشّيخ أبي عليّ مهنّا فرج، تغمّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته. وها نحن اليوم نجتمع معًا في هذا الموقف الرّهيب، والموكب المهيب، لكي نشيّع جثمانه الطّاهر، ونودّعه الوداع الأخير، عليه رحمة الله ورضوانه. لقد انحدر الرّاحل العزيز فقيدنا الغالي وفقيد أهل الدّين كافّةً شيخنا الشّيخ المكرم أبو عليّ مهنّا من عائلة مشهورة عريقة الحسب والنّسب، لها مكانتها واهمّيّتها الدّينيّة والاجتماعيّة، متواجدة هنا وفي لبنان وسوريا، تلك العائلة الأصليّة الّتي أنجبت أسيادًا وأعلامًا وشيوخًا كرامًا أفاضل معدودة خواطرهم المشيّعون الكرام نودّع وتودّع سائر أبناء طائفتنا ومجتمعنا التّوحيديّ اليوم، علَمًا من أعلامها الزّاهرين، وركنًا من أركانها الموحّدين، وعينًا من أعيانها البارزين، وإنّ فقدان هذه الشّخصيّة الدّينيّة الكريمة، حقًّا إنّها لخسارة عموم أهل الدّين قاطبةً في سائر أنحاء الجزيرة، فإذا كان موت الأعيان من تعس الزّمان فإنّ خسارتنا بالمرحوم الشّيخ أبي عليّ مهنّا فادحة للطّائفة والمجتمع عامّةً، رحمة الله على روحه الطّاهرة. فأين ما نصِف من نعوت هذا الشّيخ المبارك الميمون الوليّ، والدّيّان المُحبّ المخلص الأمين الوفيّ، الفاضل الحكيم في رأيه وعقله، الصّائب في فعله وقوله، الجوهر النّفيس، والعنصر الأصيل، التّقيّ الشّريف، الورع العفيف، والمعتبر المخصوص بآدابه وطهارته، وأخلاقه ونزاهته، الشّيخ الرّشيد العامل المسدّد، والرّزين والوقور المهاب المؤيّد، الجليل القدر وصاحب الفضل والبذل والحسنات الخفيّة، الّذي عمل مجاهدًا لخدمة مجتمعه والمصلحة العامّة، المعتبر المميّز بحسن محامده ومناقبه، الرّاجح بصدقه وتواضعه وحلمه وديانته، الطّيّب  الذِّكر المحسن المصلح الثّقة الرّفيع السّامي المنعش السّاطع النّور، والّذي تقدَّر أنّه كان رفيق درب للمرحوم سيّدنا الشّيخ أبي يوسف أمين طريف، رضي الله عنه، ونعم الرّفيق الوفيّ والصّديق المخلص الأمين.

وقد تميّز بموافقة المشرّفة، وناصر الحقّ والدّين وأهله، وقام بالواجبات الدّينيّة والاجتماعيّة خير قيام، وأنجب أنجالًا محترمين وديّانين نتعوّض بسلامتهم، آملين أن يكونوا خير خلف لخير سلف، ورحل مزوَّدًا بزاد الولاء والاعتقاد والبرّ والتّقوى والطّاعة واليقين والإخلاص، رحمه الله.

وفي النّهاية فإنّنا نتقدّم بأحرّ التّعازي وأخلص المشاعر من أنجال المرحوم وجميع أفراد العائلة الكريمة، آل فرج المحترمين، هُنا وفي لبنان وسوريا، نسأله تعالى أن يعوّضنا بسلامة حضراتكم جميعًا، وأن يلهمنا وإيّاكم جميل الصّبر والرّضى والتّسليم لأمره على جميع الحالات، ويتغمّد فقيدنا المكرّم العزيز الشّيخ أبا عليّ مهنّا بالرّحمة والرّضوان، ويسعده بسكنى النّعيم في الجنان، ونتمنّى لنجل المرحوم الشّيخ أبو حسن يوسف التّوفيق والمعونة من ربّ العالمين في خدمة المجتمع والدّين وأهلنا ومشايخنا في قرية يانوح العامرة، للمرحوم الرّحمة، ولكم من بعده طول البقاء، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، الله يرحمه.          

* * *

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. عائلة المرحوم، سيرة قنديل الجبل الرّاحل المرحوم الشّيخ أبو عليّ مهنّا فرج. دالية الكرمل: آسيا، 2019.
  2. حوار أُجري مع الشّيخة بتلة خطيب فرج، من قرية يانوح.

 

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה