الشّيخ جبر داهش معدّي

الشّيخ المرحوم جبر داهش معدّي، وُلد في الأوّل من نيسان عام 1917 م. في قرية يركا، في الجليل الأعلى، لعائلة معدّي الّتي عُرفت بمكانتها القياديّة، الدّينيّة والاجتماعيّة-السّياسيّة والّتي لعبت دورًا هامًّا في تاريخ طائفة الموحّدين الدّروز على مرّ السّنين. 

والده هو المرحوم الشّيخ فارس معدّي، المُلقَّب بـِ-“داهِش” نظرًا إلى شخصيّته الّتي أدهشت كلّ من جاوره، وجدُّه هو الشّيخ حسين معدّي، المُلقَّب بـِ-“الخضّور” نظرًا إلى خضرة عيونه وجمالهما، وكلاهما من الشّخصيّات القياديّة البارزة، وقد حظيا باحترام شديد من قِبل رجال الدّين الدّروز وقيادات الطّوائف الأُخرى. والدته هي ميثَه ملحم معدّي، أخت الشّيخ عليّ الملحم معدّي المُلقَّب بـِ-“الخال” والّذي عُرف بمكانته السّياسيّة والاجتماعيّة في بلادنا وفي لبنان وسورية. الشّيخ جبر هو الابن البِكر لوالديه، ولديه أخّان وأختان.

بدأ الشّيخ جبر معدّي مشواره السّياسيّ عام 1945 م.؛ إذ لعب دورًا سياسيًّا في تعزيز العلاقات بين الطّائفة الدّرزيّة وقيادات المجتمع العربيّ، وكان للشّيخ جبر دور هامّ في إنهاء معارك الهوشه والكساير (12-16/54/1948 م.) الّتي راح ضحيّتها العشرات من أبناء الطّائفة الدّرزيّة، وفي إخراج كتيبة فوج العرب (جبل الدّروز) من الجليل إلى لبنان وسورية. إضافةً إلى دوره في إيواء آلاف اللّاجئين العرب من قرى الجليل وفي منع تهجيرهم، وكذلك في ارجاع العديد من المُهجَّرين العرب من لبنان وسورية إلى الجليل، في خضمّ حرب 1948 م.، وكان ذلك جنبًّا إلى جنب مع الشّيخ مرزوق معدّي وخاله الشّيخ عليّ ملحم معدّي.

 عُرف الشّيخ جبر بشخصيّته القياديّة وشجاعته منذ ريعان شبابه، وتفرّس فيه الزّعيم الدّرزيّ سلطان باشا الأطرش، حين زاره الشّيخ جبر في القريّا، في أربعينيّات القرن الماضي. كذلك عُرف الشّيخ جبر بكرمه الحاتميّ وحُسن ضيافته، وكان معروفًا بعلاقاته الاجتماعيّة بأهالي الضّفّة الغربيّة وشرق القدس وقطاع غزّة، خاصّةً بعلاقته مع محمّد عليّ الجعبري، وهو من زعماء الضّفّة الغربيّة، ورئيس بلدية الخليل، وكذلك رئيس بلديّة غزّة، رشاد الشّوّا وقتها، ومع زعماء عرب إسرائيل: سيف الدّين الزّعبيّ والمطران يوسف ريّا وغيرهم من القضاة الشّرعيّين ورؤساء بلديّات ومجالس محلّيّة. حظي الشّيخ جبر باحترام كبير وكان له دور أساس في جاهات الصّلح داخل الطّائفة وخارجها.

بدأ الشّيخ جبر نشاطه السّياسيّ في الكنيست الإسرائيليّ عام 1951 م.، فكان عضوًا في الكنيست من الثّانية حتّى التّاسعة، باستثناء الرّابعة منها، وذلك في عدّة كُتل: القائمة الدّيمقراطيّة لعرب إسرائيل (في الكنيست الثّانية والثّالثة)، مشاركة وأخوّة (في الكنيست الخامسة والسّادسة)، شراكة وتطوير (في الكنيست السّادسة)، الكتلة الدّرزيّة الإسرائيليّة (في الكنيست السّادسة)، تقدُّم وتطوير (في الكنيست السّابعة والثّامنة)، المعراخ (המערך) (في الكنيست الثّامنة)، القائمة العربيّة الموحّدة (في الكنيست التّاسعة). كانت هذه القوائم على ارتباط بالحزب الحاكم آنذاك؛ حزب عمّال أرض إسرائيل. كان الشّيخ جبر الدّرزيّ الأوّل في الحكومة الإسرائيليّة، وشغل منصب نائب وزير الاتّصال والبريد ونائب وزير الزّراعة لاحقًا.

كان للشّيخ جبر معدّي مواقف عديدة على مدى تاريخ الطّائفة الدّرزيّة، مثلًا: حين تأزّمت الأمور وساءت الظّروف في جبل الدّروز، في سورية، وقف على منصّة الكنيست، في الأوّل من شباط عام 1954 م.، وألقى خطابًا قال فيه: “نندّد بكلّ شدّة بكلّ الأعمال الوحشيّة الّتي نُفذّت، بناءً على أوامر الطّاغية السّوريّ ضدّ الدّروز في سورية. وإنّي أُعلن من فوق هذه المنصّة أنّ الدّروز الإسرائيليّين أنّ الدّروز لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا التّعدّي. ونحن نُعلن في هذا البيت على احتجاجنا الشّديد، ونطلب إجراء بحث مستعجل في هذا الموضوع. ونطلب كذلك من البيت أن يلقي على الحكومة أن تجري تحقيقًا في الموضوع الّذي نخاف أن يكون له تأثير كبير على مصير الدّروز في سورية”.

خدم الشّيخ جبر الطّائفة الدّرزيّة والمجتمع العربيّ من خلال منصبه في البرلمان الإسرائيليّ، ومن خلال مكانته الاجتماعيّة؛ إذ يُعدّ ركنًا ومؤسّسًا لأُطر الكيان الدّرزيّ والعامل على دمج أبنائها ضمن أُطر الدّولة، وممثّلًا لقضايا وأمور الأقلّيّة العربيّة، نذكر أهمّها:

  1. توظيف الآلاف من أبناء الطّائفة الدّرزيّة في السّلك الحكوميّ والأمنيّ وفي القطاعات والمرافق الصّناعيّة والزّراعيّة؛
  2. تطوير البنى التّحتيّة وربط القرى الدّرزيّة والعربيّة بشبكات الكهرباء والماء والاتّصالات والبريد، داعمًا بذلك المجالس المحلّيّة والبلديّات من خلال موقعه في الكنيست؛
  3. منع هدم قرى الدّروز في هضبة الجولان وتهجير أهاليها إبّان حرب الأيّام السّتّة، عام 1967 م.، وإرجاع المئات من سكّان هذه القرى من سورية، الّذين سكنوها إبّان الحرب ولم يتسنّ لهم الرّجوع إلى قراهم مسقط رأسهم، وقد تمّ ذلك بواسطة لمّ الشّمل، فقد استمرّ رجوعهم حتّى أواخر 1968 م.؛
  4. كان للشّيخ جبر دور في توطيد العلاقة بين الطّائفة الدّرزيّة والدّولة؛
  5. أسهم الشّيخ جبر في حلّ العديد من القضايا المتعلّقة بمصادرة الأراضي وهدم البيوت وتوسيع الخرائط الهيكليّة وبناء المصانع وغيرها من المرافق الحياتيّة، في فترة الحكم العسكريّ وما بعده؛
  6. كما أسهم في حلّ العديد من القضايا الّتي تتعلّق بشؤون المناطق العسكريّة المُدارة (الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة وهضبة الجولان)، فسعى من أجل تطوير مرافقها الحياتيّة في شتّى المجالات، خصوصًا البنى التّحتيّة والحالات الإنسانية مثل لمّ الشّمل وغيرها. وعلى ذلك أصبح الشّيخ جبر ممثّلًا وداعما لقضاياهم، ووجد سكّان تلك المناطق فيه ملاذًا وعنوانًا لهم.

لم يكن الشّيخ جبر صاحب أيديولوجيا سياسيّة، لكنّه كان صاحب مبدأ وفِكر ونشاط شخصيّ تمركز في الحفاظ على كرامة الطّائفة ومكانتها ومبادئها وقيمها التّوحيديّة (الحفاظ على الدّين والأرض والعرض) والأصول العربيّة والمطالبة بالحقوق المشروعة من أجل الأقلّيّات. 

فارق الشّيخ جبر الحياة في التّاسع عشر من أيّار عام 2009 م.، عن عمر ناهز الـ-90 عامًا، وأُقيم له مأتمًا كبيرًا توافد إليه الآلاف من أبناء الطّائفة الدّرزيّة والكثير من كبار موظّفي الدّولة من أنحاء البلاد كافّةً لتشييع جثمان الفقيد.

 

المرحوم الشّيخ جبر داهش معدّي.

الشّيخ جبر معدّي مع فضيلة سيّدنا الشّيخ المرحوم أمين طريف، ودافيد بن غوريون والشّيخ صالح خنيفس، في جولس عام 1959 م.

الشّيخ جبر معدّي، فضيلة سيّدنا الشّيخ المرحوم أمين طريف، الشّيخ نور الدّين الحلبي، الشّيخ محمّد عليّ الجعبري، عاموس عيران والشّيخ لبيب أبو ركن، في استقبال رئيس الحكومة اسحاق رابين، عام 1977 م.

***

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. معدّي، منصور. رجل الكرامات. د. م.: د. ن.، 2014.
  2. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A8%D8%B1_%D8%AF%D8%A7%D9%87%D8%B4_%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%8A
  3. موقع “راية التّوحيد”.
  4. https://www.almadar.co.il/news-15,N-6144.html

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה