الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار تقيّ الدّين

الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار تقيّ الدّين

الشّيخ أبو سليمان زين الدّين بن شرف الدّين، رضي الله عنه، من بيت عبد الغفّار من آل عبد الله التّنّوخيّين، وهُم سكّان طردلا ورمطون وعين درافيل وكفر متّى وحارة عبيه. تذكر نبذة تاريخيّة مسجّلة في ذيل شجرة العائلة، وهي محقَّقة عن صكوك أوقاف ووصايا وغيرها، أنّ نسَب الشّيخ زين الدّين متّصل بآل عبد الله المخصوصة زمن الدّعوة إلى مذهب التّوحيد بالمراسَلة، وجدُّ هذه العائلة هو جنبلاط عبد الخالق. أمّا الشّيخ زين الدّين فلُه ولدان هُما شرَف الدّين وعلّم الدّين سليمان.[1] عاش في القرن الميلاديّ السّادس عشر بين عامَي 1495-1558 م[2]، خلال المرحلة الانتقاليّة بين حكم المماليك الشّراكسة لبلاد الشّام وغُرّة عهد الحكم العثمانيّ. ويُعدّ من كبار رجال الدّين الموحّدين الدّروز وعلَمًا بارزًا في العلم والمعرفة والتّقوى ومرجعًا معتمَدًا على مرّ العصور، منزلته تأتي بعد منزلة الأمير السّيّد جمال الدّين بن عبد الله التّنّوخيّ، قدّس الله سرّه.[3]

وُلد الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار في بعقلين، لبنان، ونشأ فيها مترعرعًا على حبّ الله والدّين والعبادة فكان من المجتهدين في مذهب التّوحيد. يذكر الشّيخ أبو زين الدّين حسن العُقيليّ أنّ الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار سكن قرية كفر متّى، بعد أن ترك بعقلين، حيث اعتكف في سرداب تحت الأرض سبعَ سنوات مواظبًا على الدّرس والبحث والتّأمُّل والكتابة، فألّف عدّة مصادر علميّة باتت آثارًا عظيمة في عمق فحواها، واشتهرت في جميع الأمصار، ومن جملتها كتاب النّقط والدّوائر (طُبع عام 1902 م.) وكتاب المناظرات وبهجة المذكّرات وكتاب التّذكرة ومخطوط مختصر البيان في مجرى الزّمان[4] (حقّقه ونشره القسّ حنانيا منيّر الطّبيب، وشرحه ونقله إلى الفرنسيّة هنري غيز)، ومخطوط البيان في شرح البدعة ومجرى الزّمان وشرح الشّهادتَيْن وكلاهما مخطوط لم يُطبع إلى جانب قاموس لغويّ لم يُطبع أيضًا. وللشّيخ زين الدّين عبد الغفّار الفضل في شرح نظريّة التّوحيد وكيفية ظهور الإنسان على هذه الأرض، جسديًّا وروحانيًّا.

غلاف كتاب مختصر البيان في مجرى الزّمان للشّيخ زين الدّين عبد الغفّار تقيّ الدّين، رضي الله عنه.

جاء في مقدّمة النّقط والدّوائر[5]: ” كان الشّيخ زين الدّين فاضلًا، تقيًّا، ورعًا، ومن أكبر العاملين بالفقه والدّين وسائر العلوم. وقد ترك تراثًا أدبيًّا دينيًّا ضخمًا، رغم أنّ حياته لم تكن طويلة. إنّ منزلة الشّيخ زين الدّين في مجالَي العلم والدّين تأتي بعد منزلة الأمير السّيّد (ق) والشّيخ الفاضل (ر) فهو من أعلى المشايخ الموحّدين، وأكثرهم معرفة وعمقًا في الدّين والفقه والفرائض وعِلم الفلك واللّغة”.

يذكر الشّيخ العريضيّ في مناقب الأعيان حادثةً قيل فيها إنّ جماعةً من رجال الدّين كانوا يُغالون في الأمير السّيّد، قدّس الله روحه، فيصلّون عليه مثل الأنبياء، فقال لهم الشّيخ زين الدّين: لا ينبغي أن يُصلّى عليه فتلك درجة الأنبياء، وهو من عالَم المساواة، فقالوا له: إنّ الّذي يشرح مثل هذا الشّرح ينبغي أن يُصلّى عليه، فردّ عليهم: هو شرح وربّما يوجد في الزّمان من يشرح، فليس كلّ من يشرح يُصلّى عليه.[6]

لقد قيل إنّ منصب مشيخة العقل أوكل للشّيخ زين الدّين، رضي الله عنه، لما كان عليه من تقوى وحكمة وسِعة عِلم،[7] غير أنّ سجّلات آل تقي الدّين لا تذكر عن هذا الأمر شيئًا.

يُروى في مناقب الأعيان، أيضًا، أنّ رجلًا مخالفًا لأوامر الدّين وجّه إلى الشّيخ زين الدّين كلامًا جارحًا، فنقم عليه النّاس وذمّوه لتصرّفه غير المقبول، حتّى ضاق صدره واشتدّ غضبه على الشّيخ، فعاد إليه وقتله ظلمًا، وكان ذلك في عام 965 للهجرة.[8]

توفّاه الله تعالى نهار الأربعاء من شهر ربيع الأوّل عام 965 هجريّ، وقد بلغ الثّالثة والسّتّين، وأُقيم له مأتم مهيب اجتمعت فيه الوفود من كلّ حدب وصوب، فقدم المعزّون من الأشواف العشرة والبقاع ووادي التّيم ووادي العجم[9] وغوطة دمشق وغيرها. فلمّا حان موعد دفنه، طالب أهل المناصف والشّوفَيْن بدفن المرحوم في مسقط رأسه بعقلين، وأصرّ أهل الغرب والجُرد والسّاحل على دفنه في كفر متّى. فدبّ الخلاف ولمّا اشتدّ اقترح أحد العُقلاء تحكيم أهل المَتْن، وكانوا حياديّين، فحكم هؤلاء بدفنه في مكانه، فرضي الفريقان واتّفقا، فدُفن الشّيخ الجليل في كفر متّى وله فيها ضريح يُزار للتّبرّك، وسط أملاك عائلة مشايخ آل الغريب الّتي تُشرف على المزار.[10]

رثى واحد من المشايخ الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار بقصيدة مطلعها:

من آل عبد الله الأصلُ عن ثقة      واليم يُكنى تقيّ الدّين معناه

أعني به الشّيخ زين الدّين نعمة فتى            أكرم به سيّدًّا في الخير مسعاه

شيخ الصّفا والوفا بالفضل قد عُرف         من سادة شرفاء يهدوا لمن تاهوا

له التآليف كلّ النّاس تعرفها         مجرى الزّمان سرى في الكون معناه

مناظرات كتاب فيه قد حُكمت     أهل الفضائل أجروا حسب مبناه

نقط الدّوائر من ثمّ وتذكرة           وشرح بِدعة هذا من سجاياه

_______________________________________________

[1] أبو خزام، أنور فؤاد. شرح كتاب النّقط والدّوائر. تقديم المحامي سليمان تقيّ الدّين، د. م.: دار إشارات للطّباعة والنّشر والتّوزيع، 1999، ص. 5-17.

[2] كُتب تاريخ وفاته هذا على شاهد ضريحه في كفر متّى. أمّا عن عام ميلاده فيذكر الشّيخ أبو صالح فرحان سعيد العريضيّ في مناقب الأعيان أنّ سنه ولادته هي 911 للهجرة، أي 1505/1506 للميلاد (اُنظر: العريضيّ، أبو صالح فرحان سعيد. مناقب الأعيان. عاليه: مدرسة الإشراق، ج. 1، ص. 145).

[3] العريضيّ، مناقب الأعيان. ج. 1، ص. 146؛ خليل الباشا، محمّد. معجم أعلام الدّروز. المختارة: المركز الوطنيّ للمعلومات والدّراسات، الدّار التّقدّميّة، ج. 1، 1990، ص. 214.

[4] وصَف في مؤلَّفه هذا عهد السّلطان سليمان العثمانيّ القانونيّ.

[5] صدر في سان باولو، في البرازيل، عام 1983.

[6] العريضيّ، مناقب الأعيان. ج. 1، ص. 145-147.

[7] أبو ترابي، جميل. من هم الموحّدون الدّروز؟. دمشق: دار علاء الدّين، ط. 3، 2009، ص. 193.

[8] العريضيّ، مناقب الأعيان. ج. 1، ص. 146-147.

[9] وادٍ في منطقة إقليم البلّان، في الجولان.

[10] المصدر نفسُه، ص. 214-215.

* * *

للتّوسُّع والاستزادة:

  1. أبو ترابي، جميل. من هم الموحّدون الدّروز؟. دمشق: دار علاء الدّين، ط. 3، 2009.
  2. تقيّ الدّين، زين الدّين عبد الغفّار. النّقط والدّوائر. سان باولو: د. ن.، 1983.
  3. أبو خزام، أنور فؤاد. شرح كتاب النّقط والدّوائر. تقديم المحامي سليمان تقيّ الدّين، د. م.: دار إشارات للطّباعة والنّشر والتّوزيع، 1999.
  4. خليل الباشا، محمّد. معجم أعلام الدّروز. المختارة: المركز الوطنيّ للمعلومات والدّراسات، الدّار التّقدّميّة، ج. 1، 1990.
  5. العريضيّ، أبو صالح فرحان سعيد. مناقب الأعيان. عاليه: مدرسة الإشراق، ج. 1، ص. 62.

 

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה