هو ناهض الدّين بن عبد الله بن حِصْن الدّين، من أجلّ تلاميذ الأمير السّيّد، قدّس الله سرّه، الّذين ذكَرَهُم الشّيخ أبو عليّ مرعي في تراجِمه. وُلد في بلدة المختارة ونشأ فيها، وقيل إنّه كان متساوي البنية، معتدل المزاج، حسن الأخلاق والطّباع، يميل إلى البياض مع الحُمرة وإشراق الدّم ورقّة البشرة واستواء الأعضاء.
كان جدّه الشّيخ حصن الدّين قد قدم من حلب عام 1384 م. (785 هـ.)، فأقام عند الأمراء التّنّوخيّين يُعلّم أولادهم. وكان الجدّ فقيهًا عالمًا فاضلًا تقيًّا، ذا فطنة ودراية. أمّا والده عبد الله فكان مقيمًا عند الأمراء التّنّوخيّين في رُتبة جدّه، وكان حميد الصّفات والأفعال.
لمّا سمع الشّيخ ناهض الدّين بذكاء الأمير عبد الله وصحّة فهمه وحُسن تديُّنه، وهو دون البلوغ، قصده إلى عبيه. ثمّ زاره مرّة ثانية بصحبة الشّيخ ابن نصر، وتحدّث مع الأمير الفتى، وسُرَّ بما رآه وسمعه منه.
دخل مدرسة الأمير والتحق بخدمته، فكان من الأذكياء النّابهين، وقد تفقّه في علوم الدّين. ولمّا تخرّج في المدرسة كلَّفَه المعلّم إقامة الأمر والنّهي في مقاطعته، إضافةً إلى مهمّة تعليم الأولاد، والاجتماع بالنّاس في يوم من أيّام الأسبوع لِشرح غوامض آيات الدّين، ومن أجل وعظهم وهدايتهم ونُصحهم.
بعَث الأمير كتابًا للشّيخ ناهض، من عبيه إلى المختارة، ينعته بأحسن النّعوت، فهو “الطّاهر المحقّق، النّاهض بأعباء ما حُمِّل”… ويحُثّه على الدّوام على الثّقة الّتي منحه إيّاها، وعلى الاعتصام بحقائق التّوحيد، والكلمة الأزليّة.
توفّي الشّيخ ناهض الدّين في بلدته المختارة عام 1468 م. (873 هـ)، ويقال في عام 1477 م. (881 هـ)، ونُعِيَ الأمير عبد الله فقدِم من عبيه، وحضر جنازته وحزن حزنًا شديدًا لِفَقده. ثمّ شاهد جثمانه وقبَّلَه، ودعا له، وصلّى عليه، وقال فيما قاله عنه: “كان فريد المثال، حَسَن الخِلال، عالمًا تقيًّا وفيًّا ذا فضائل وافرة”.
***
للاستزادة والتّوسُّع:
- الباشا، محمّد خليل. “حصن الدّين، ناهض الدّين بن عبدالله بن حصن الدّين”. معجم أعلام الدّروز. محمّد خليل الباشا (تحرير). ج. 1 (1990)، ص. 441.
- أبو ذياب، غسّان يوسف. “خلوة القطالب”. العمامة 157 (2021)، ص. 15-16.
- العريضيّ، أبو صالح فرحان سعيد. مناقب الأعيان. عاليه: مدرسة الإشراق، ج. 1، ص. 28.