الشّيخ يوسف جربوع يُعدّ واحدًا من أبرز الشّخصيّات الدّينيّة في الطّائفة الدّرزيّة، في سورية؛ إذ شغل منصب شيخ عقل الطّائفة منذ عام 2012 م.، كما اضطلع بأدوار دينيّة واجتماعيّة وسياسيّة، فكان له تأثير واضح داخل المجتمع الدّرزيّ، خاصّةً في محافظة السّويداء، وقد لعب دورًا محوريًّا في الحفاظ على استقرار المنطقة الاجتماعيّ.
ينتمي الشّيخ يوسف إلى “آل جربوع”، وهي من العائلات الدّرزيّة العريقة الّتي تعود أصولها إلى شبه الجزيرة العربيّة، ويُعتقد أنّها انحدرت من منطقة القصيم[1]، في المملكة العربيّة السّعوديّة، قبل أن تستقرّ في السّويداء، منذ أواخر القرن الميلاديّ الثّامن عشر. وقد هاجر أفراد منها إلى العراق وسورية ولبنان، حيث استقرّوا وأصبح لهم قوّة ونفوذ كبيرَين. لعبت العائلة دورًا بارزًا في المنطقة، وبرز منها عدد من الشّخصيّات المؤثّرة، مثل: الشّيخ سلمان جربوع الّذي تولّى منصب شيخ عقل الدّروز عام 1803 م.، والشّيخ أحمد جربوع الّذي شغل المنصب ذاته في أوائل القرن الميلاديّ العشرين. كما كان للعائلة دور بارز في الثورة السورية الكبرى؛ إذ قدّمت اثني عشر شهيدًا خلال تلك المرحلة.
في 20 كانون أوّل 2012 م.، عُيّن الشّيخ يوسف جربوع في منصب شيخ عقل الطّائفة الدّرزيّة في سورية، ليكون واحدًا من شيوخ العقل الثّلاثة الّذين يُمثّلون المرجعيّة الدّينيّة العليا للطّائفة، إلى جانب الشّيخَين حكمت الهجريّ وحمود الحنّاويّ. منذ تولّيه هذا المنصب، اضطلع بمسؤوليّات متعدّدة شملت الإشراف على الشّؤون الدّينيّة، فضّ النّزاعات، وتمثيل الطّائفة في المحافل الرّسميّة، إضافةً إلى تعزيز التّواصل مع السُّلطات لضمان حقوق الطّائفة.
على مدار تولّيه منصبه، اضطلع الشّيخ يوسف جربوع بعدد من الأدوار الّتي أثّرت في واقع الطّائفة الدّرزيّة الاجتماعيّ والسّياسيّ في سورية، ومن أبرزها الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي؛ إذ لعب دورًا بارزًا في تهدئة التّوتّرات في محافظة السّويداء، خاصّةً خلال فترات الاحتجاجات والأزمات الأمنيّة. وقد استند إلى مكانته الدّينيّة في التّوسّط وفضّ النّزاعات العائليّة والاجتماعيّة. كما سعى إلى تحقيق توازن دقيق بين مصالح أبناء الطّائفة والتّحدّيات السّياسيّة الّتي شهدتها المنطقة. من خلال دوره في مشيخة العقل، عمل على تعزيز الحوار الدّاخليّ، وتقوية الرّوابط الاجتماعيّة بين أبناء الطّائفة، مع تأكيده على أهمّيّة الحفاظ على وَحدة الصّفّ الدّرزيّ، وتجنُّب الانقسامات الّتي قد تؤثّر في استقرار المجتمع.
شدّد على أهمّيّة وَحدة الطّائفة الدّرزيّة وضرورة الحفاظ على استقرارها الاجتماعيّ، معدًّا التّماسك الدّاخليّ عنصرًا أساسيًّا في مواجهة التّحدّيات المختلفة. ركّز في مواقفه على تعزيز الرّوابط بين أبناء الطّائفة، والسّعي إلى ترسيخ قيم التّعايش والتّآخي، بما يضمن الحفاظ على التّقاليد الدّينيّة والاجتماعيّة المتوارثة، ويعزّز دَور الطّائفة ضمن النّسيج الوطنيّ العامّ..
هكذا، برز الشّيخ يوسف جربوع في المشهد الدّينيّ والسّياسيّ للطّائفة الدّرزيّة في سورية، وشغل دورًا محوريًّا في إدارة شؤون دار الطّائفة في مقام عين الزّمان، عليه السّلام، بعد وفاة ابن عمّه، الشّيخ حسين الجربوع، الّذي شغل المنصب منذ عام 1965 م.
_____________________________________
[1] تاريخيًّا، كانت القصيم مركزًا تجاريًّا رئيسًا على طريق القوافل بين الجزيرة العربيّة والعراق والشّآم، وأسهمت في نشوء ثمّ استقرار العديد من العائلات العربيّة الّتي انتقلت، لاحقًا، إلى مناطق مختلفة، بما في ذلك سورية ولبنان وفلسطين.
***
للاستزادة والتّوسُّع:
- طليع، أمين. مشيخة العقل والقضاء المذهبيّ الدّرزيّ عبر التّاريخ. القدس: مطبعة الشّرق العربيّة، 1979.
- ناطور، سميح. “جربوع، يوسف”. موسوعة التّوحيد الدّرزيّة. سميح ناطور (تحرير). ج. 2، 2011، ص. 35.
- ناطور، سميح. “نتعرّف على شخصيّات درزيّة وشخصيّاتها البارزة: آل جربوع”، العمامة 163 (2023). رابط.