شبلي الأطرش

شبلي بك الأطرش (1850 م.-4 تشرين ثانٍ 1904 م.)؛ من أبرز الشّخصيّات الدّرزيّة في جبل العرب، في سورية، خلال العهد العثمانيّ (1517-1924 م.)؛ إذ جمع بين الزّعامة السّياسيّة والموهبة الشّعريّة. كان له دَور في الأحداث السّياسيّة الّتي شهدها الجبل، واشتهر بمواقفه المعارِضة للسّياسات العثمانيّة. كما عُرف بشِعره الّذي جسّد وقائع تلك الفترة، وعكس قضايا المجتمع التّوحيديّ-الدّرزيّ وعلاقاته السّياسيّة. وقد أسهمت أشعاره في توثيق جزء من تاريخ الجبل العربيّ، خلال حقبة الحُكم العثمانيّ، من حيث أنّها تناولت موضوعات متعدّدة كالوطنيّة، الفخر، الحنين، الحماسة والحكمة، ليكسبه ذلك مكانةً بارزةً بوصفه شاعرًا شعبيًّا بين أبناء الطّائفة.

كان والده، إسماعيل الأطرش، من زعماء جبل العرب، بعد أن انتزع الزّعامة من آل الحمدان. وبعد وفاته، عام 1892 م.، خلفه ابنه، إبراهيم الأطرش، الّذي عُيّن قائمقامًا على جبل حوران، وقد نجح في إدارة شؤون الجبل بحكمة، كما نجح في حلّ النّزاعات الدّاخليّة، وفوق هذا وذاك اكتسب رضى العثمانيّين.

في الفترة بين 1889-1890 م.، اندلعت ثورة الفلّاحين في الجبل، وكانت تهدف إلى الإطاحة بزعامة آل الأطرش. خلال هذه الأحداث، وقف شبلي الأطرش إلى جانب الفلّاحين في مواجهة أخيه إبراهيم، الأمر الّذي أدّى إلى خلق انقسام داخل العائلة. ومع أنّ إبراهيم استنجد بالسُّلطات العثمانيّة، فإنّ مشايخ الدّروز رفضوا القتال ضدّ أبناء طائفتهم، وتمّ احتواء الثّورة بعد أن دفع إبراهيم تعويضات للفلّاحين. وبعد وفاة إبراهيم، تسلّم شبلي الأطرش الزّعامة، لكنّ خلافاته مع الفلّاحين ومواقفه المتذبذبة أضعفت مكانته، ففقد ثقتهم حين انضمّ، لاحقًا، إلى البعض من مشايخ القرى، ولم يتمكّن من الحصول على دعم السُّلطة العثمانيّة كما فعل أخوه.

وفي عام 1893 م.، قاد تحرّكًا ضدّ عرب الرّولة[1] الّذين هاجموا قريته، عِرى[2]، وقتلوا أربعةً من رجالها، لكنّ الجيش العثمانيّ أوقفه في أثناء تقدّمه، واعتقله مقيّدًا إلى بطن بغل، ثمّ سجنه في قلعة المزرعة. لم يلبث الدّروز أن حاصروا القلعة وقطعوا عنها الماء، ما أجبر القوّات العثمانيّة على إطلاق سراحه. وقد تعرّض، لاحقًا، للاعتقال والنّفي إلى الأناضول، حيث أمضى فترة في السّجن قبل أن يُطلق سراحه، بعد ضغوط من أبناء الجبل الّذين حاصروا القلعة، كما أسلفنا.

الأمير الشّاعر

إلى جانب دَوره السّياسيّ، برز شبلي الأطرش بوصفه شاعرًا شعبيًّا مرهف الحسّ وجزل العِبارة، فنظم الزّجل، الشّروقيّ، القرّادي، العتابا، المطالِع والقصائد الملحميّة، وكان من شعراء العامّيّة الكبار الّذين أثّروا في غيرهم من الشّعراء اللّاحقين. عبّر في أشعاره عن القضايا الاجتماعيّة والسّياسيّة المُحزنة الّتي مرّت بها المنطقة. وقد احتفظت قصائده بوظيفتَين أساسيّتَين: توثيق الأحداث التّاريخية في جبل العرب، والتّعبير عن الهموم الوطنيّة والشّخصيّة، خاصّةً خلال فترات اعتقاله ونفيه.

تميّز شِعره بالحنين إلى الجبل، والإشادة بقيم الشّهامة والكرم، وتناول موضوعات متنوّعة، مثل: الوصف، الفخر، الغزل، الحكمة والمدح. وقد شُبِّه شِعره في السّجن بـِ-“روميّات أبي فراس الحمدانيّ”؛ إذ كان يبثّ فيه مشاعر الحنين إلى الوطن والأهل. وعند نفيه إلى الأناضول، ظلّ يراسل أبناء عشيرته بقصائده الّتي كانت تُتداول بينهم وتُثير الحماسة والنّخوة.

جُمعت أشعاره في ديوان شبلي الأطرش الّذي نشرته دار كرم ومكتبتها في دمشق، عام 1961 م.، ومن أبرز قصائده “دمشق” الّتي صوّر فيها تعلّقه بالعاصمة السّوريّة، وجاء في مطلعها:

“دمشق يا سرر القلوب، ويا نسيم الرّياح

أنتِ الجمال في الأرض وأنتِ أحلى التّراحيب

دمشق يا زهراء الجمال، يا نبع الطّيب

ما فيك عيب، ولا زَوال، ولا غيوم من الضّباب”.

تُظهر هذه الأبيات مدى ارتباطه الرّوحانيّ بدمشق الّتي رآها رمزًا للجمال والتّاريخ العريق. كما تضمّنت قصائده الأُخرى تأريخًا لمعارك الجبل، ووصفًا لنفيه ومعاناته، إلى جانب تصويره للأحداث الكبرى الّتي عاشها مجتمعه في ظلّ الحُكم العثمانيّ.

يُعدّ شبلي الأطرش من أبرز من نظم القصيدة النّبطيّة في العهد العثمانيّ، وقد أسهم شِعره في توثيق العديد من الأحداث السّياسيّة والاجتماعيّة التي شهدها جبل العرب. وإلى جانب أهمّيّته الأدبيّة، استمرّ شِعره في التّأثير في الأجيال اللّاحقة؛ فقد استلهم منه الدّروز الكثير من الحكمة والحنكة السّياسيّة، وبقيت قصائده جزءًا من تراث الطّائفة الشّفويّ، تُتداول في المجالس والاحتفالات الشّعبيّة.

توفّي الأمير الزّعيم والشّاعر شبلي الأطرش في 4 تشرين ثانٍ 1904 م.

____________________________________________

[1] الرّولة هي قبيلة عربيّة كبيرة شمال شبه الجزيرة العربيّة والصّحراء السّوريّة.

[2] عِرى هي مسقط رأس شبلي الأطرش، وكانت تعدّ عاصمة أمراء الجبل. اشتهرت بالكرم وحسن الضّيافة، حتّى ضُرب بها المثل في ذلك وأصبحت “دار عِرى” رمزًا للجود والضّيافة عند الدّروز.

***

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. الأطرش، شبلي. ديوان شبلي الأطرش. دمشق: مطبعة كرم، 1961.
  2. البعيني، حسن أمين. جبل العرب: صفحات من تاريخ الموحّدين الدّروز (1685-1927). بيروت: دار النّهار للنّشر، 1985.
  3. البعيني، حسن أمين. التّنّوخيّون والمناذرة اللّخميّون والمعنيّون: الفصول الغامضة من تاريخهم والإشكاليّات. بقعاثا (الشّوف): دار معن للنّشر والتّوزيع، 2013.
  4. الفاخوري، حنّا (مدقّق وشارح). معجم الشّعراء العرب. بيروت: دار الجيل، 1989.
  5. أبو زكي، فؤاد. المعنيّون: من الأمير فخر الدّين الثّاني المعنيّ التّنّوخيّ إلى الأمير سلطان الأطرش المعنيّ التّنّوخيّ. الشّوف: الدّار التّقدّميّة، 2008.
  6. شبلي الأطرش”. الدّيوان: موسوعة الشّعر العربيّ. رابط.
  7. ناطور، سميح. “الأطرش، شبلي”، موسوعة التّوحيد الدّرزيّة. سميح ناطور (تحرير)، مج. 3 (2011)، ص. 184

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה