كتاب الأمير السّيّد جمال الدّين عبدالله التّنّوخيّ: سيرته – أدبه هو دراسة أكاديميّة-علميّة-منهجيّة معمّقة سجّل فيها الشّيخ د. فؤاد أبو زكي، اللّبنانيّ المولد والمنشأ، سيرة الأمير عبدالله بن سليمان التّنّوخيّ (ت. 1479 م./ 884 هـ.) الذّاتيّة، وهو علم من أعلام عصره، وآثاره الأدبيّة، وخصائصه الفنّيّة، مع إبراز نتاجه الأدبيّ والرّوحانيّ الّذي بقي محجوبًا لأسباب تعدّدت. ويصف د. أبو زكي بحثه هذا فيقول في خاتمته: “إنّ هذا البحث يكشف عن شخصيّة أدبيّة كبيرة مغمورة طوت معالم أدبها أيدي السّتر والصّيانة، ولم تُعرف ولم تشتهر إلّا في أوساط الموحّدين الّذين رأوا في شخصه طهارة قلب، وصفاء النّفس، وصدق القول، والعفّة والتّقوى والتّديّن والمثل الأعلى… ورأوا في أدبه دروسًا بالغة وإشاعة للحقّ وللعدل وإصلاح ما فسد من الضّمائر والنّفوس، وبثّ روح التّوحيد والألفة والمحبّة، وعَدّوه بحقّ، المعلّم الأوّل في عصره”. يجدر بنا الإشارة إلى أنّ هذه الدّراسة هي، في الأساس، أطروحة أعدّها د. أبو زكي لينال بها شهادة الدّكتوراه اللّبنانيّة في اللّغة العربيّة وآدابها، من كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في الجامعة اللّبنانيّة في بيروت، وهي ليست مجرّد أطروحة، لكنّها تجسيد لإيمان وقناعة الباحث بشخصيّة الأمير السّيّد؛ الرّجُل القدوة، علمًا وعملًا ومسلكًا.
اقتصرت مصادر هذه الدّراسة البحثيّة على تراجم الأمير السّيّد وآثاره النّثريّة والشّعريّة، إضافةً إلى الرّوايات الشّفويّة الموثوقة. وجعل الباحث كتابه هذا في أربعة أبواب وخاتمة، علاوة على التّقديم الّذي خطّه، عام 1996 م.، عميد معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللّبنانيّة، د. أسعد ذبيان، والتّصدير الّذي سطّره رؤوف أبو زكي، أبن أخي د. فؤاد أبو زكي، ووقف فيه على أهمّيّة موضوع الدّراسة وأهمّيّة مؤلّفها، والمقدّمة الّتي جاء بها الباحث في سبع صفحات وصف فيها رحلته مع هذا البحث وشرح مواضيع أبوابه الرّئيسة.
خصّص الباحث الباب الأوّل في كتابه هذا لدراسة الحياة السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة والاجتماعيّة في العصر المملوكيّ (1252-1517 م./ 650-923 هـ.) الّذي عاش الأمير السّيّد في أواخره، وتأثيرها في مصر وبلاد الشّام. وقد تميّز هذا العصر بعدّة أحداث سياسيّة وحربيّة هامّة؛ وكذلك لدراسة الحياة السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة والاجتماعيّة في عهد التّنّوخيّين، أمراء إمارة الغرب، تُضاف إليها نبذة عن أصل آل تنّوخ وعن الأسباب المؤدّية إلى نزوحهم عن الحيرة إلى معرّة النّعمان، في حلب، وإلى وادي التّيم وجبال بيروت الغربيّة وسواحلها وإلى مناطق أُخرى احتلّوها لدى وصولهم إليها واستقّروا وإمارتهم فيها؛ وكذلك عن الحروب الّتي خاضوها، وأخيرًا عن انقراض إمارتهم البحتريّة.
أمّا الباب الثّاني فقد خصّصه الباحث لسيرة الأمير السّيّد الذّاتيّة وللمراحل الأربع الأساسيّة الّتي اجتازتها حياته، إضافةً إلى حديثه عن الإصلاحات الّتي شرع فيها، ثمّ عن المعارضة الّتي لاقاها من أهل البلاد من المشايخ من رفض لتعاليمه، ومشاكسة في التّعاطي معه، وهذا ما يتحدّث المؤلّف عنه بإسهاب، ثمّ عن رحيله إلى دمشق وعودته إلى عبيه، بعد اثني عشر عامًا، وإمامته حين اجتمعت الكلمة على ترئيسه وطاعته والأخذ بكلمته، ثمّ فقدان ولده، الأمير عبد الخالق، في حادثة مروّعة يوم زفافه، وصبر الوالد الأمير على المصاب الجلل، وأخيرًا وفاته ومأتمه الرّهيب وما قيل فيه من مراثٍ ومن حلّ محلّه من مشيخة الموحّدين.
وجاء الباب الثّالث ليطرح آثار الأمير السّيّد النّثريّة السّبعة، ويعرّف بمؤلّفاته الّتي لم تزل جميعها مخطوطة، ثمّ يبيّن مضامينها ويعرض نماذج من كلّ واحد منها متطرّقًا إلى الأسلوب الّذي اتّبعه الكاتب فيها. كما يبيّن القيمة الأدبيّة والخصائص الغنيّة لرسائل الأمير الإخوانيّة، ويبرز هدفه السّامي منها الّذي رمى به إلى إصلاح النّفوس، وتهذيب الأخلاق، وتنشئة إنسان فاضل في مجتمع فاضل.
ويأتي الباب الرّابع والأخير ليتناول شِعر الأمير السّيّد والأغراض الفنّيّة الّتي تنعكس فيه، والخصائص الأسلوبيّة، والصّنعة البيانيّة، ومذهب السّهولة في نظمه والمآخذ عليه.
أرفق الباحث بدراسته هذه ملاحق من قصائد نظمها الأمير السّيّد ورثاء قيل فيه ورسائل بعثها إلى المشايخ وغير ذلك. وتأتي بعد الملاحق الفهارس الفنّيّة العامّة مع شرح لمنهجها، وفي النّهاية يرد فهرس المصادر والمراجع ويشمل مصادر مخطوطة ومصوّرة، مصادر ومراجع مطبوعة، ومجلّات، تلي الفهرس بعضًا من الصّور. ويأتي هذا الكتاب في 789 صفحة، أُصدر في طبعته الأولى عام 1997 م.
***
المصدر:
قراءة عامّة في كتاب الأمير السّيّد جمال الدّين عبدالله التّنّوخيّ: سيرته – أدبه للباحث الشّيخ د. فؤاد أبو زكي، الطّبعة التّالية:
أبو زكي، فؤاد. الأمير السّيّد جمال الدّين عبدالله التّنّوخيّ: سيرته – أدبه. بيروت: د. ن.، 1997.