كتاب تذكّر يا مروان للكاتب اللّبنانيّ الشّيخ سليمان سليم علم الدّين[1]، صدر في طبعته الأولى عن مؤسّسة نوفل للطّباعة والنّشر في بيروت عام 1998 م.، وقدّم له وليد أبي مرشد في ثلاث صفحات ونصف الصّفحة. يُعدّ هذا الكتاب دراسة مقتضبة في الفكر الإسلاميّ-التّوحيديّ تطرح تفسيرًا لتأثير بعضٍ من التّيّارات الفكريّة والاجتماعيّة والفلسفيّة، إلى جانب الأحداث التّاريخيّة المرافقة لها، في ولادة الدّعوة التّوحيديّة، نشوئها وانتشارها، وأبرز هذه التّيّارات الإمامة والمعتقدات المُنحصرة في فلسفة الفيض الإلهيّ اليونانيّة والفكر المعتزليّ العقلانيّ والمبادئ الصّوفيّة والسّلوك الصّوفيّ، ذلك كلّه من غير أن يغوص الكاتب في كنه عقائد مذهب التّوحيد حفظًا للأمانة. وهو يعترف بنفسه في توطئة الكتاب وفي سرد الغاية منه بأنّه ليس مؤرّخًا ولا باحثًا، لكنّه يقدّم بعضًا من الأحداث ذات القيمة والأهمّيّة بشكل موضوعيّ وعقلانيّ، بعيدًا عن التّعصّب لأيّ دين أو عقيدة سياسيّة.
يقع الكتاب المذكور في ستّمائة وإحدى عشرة صفحة تصنع مجلّدًا واحدًا يضمّ عدّة عناوينَ رئيسة، يشكّل العنوان الأوّل فيها بداية انطلاقة الرّحلة التّاريخيّة؛ إذ يأخذنا به الكاتب إلى “الأوضاع السّياسيّة في بلاد الشّام في عهد الدّعوة التّوحيديّة الدّرزيّة”، متنقّلًا بين عدّة موضوعات مقسّمة إلى عناوين فرعيّة، على النّحو التّالي: “الفاطميّون في بلاد الشّام”؛ “بنو كلب”؛ “بنو مرداس”؛ “الحمدانيّون”؛ “بنو الجرّاح وقبيلة طي”؛ “بنو عقيل” وأخيرًا “القرامطة”. ثمّ يتناول الكاتب الفصل الثّاني “الدّولتان الطّولونيّة والأخشيديّة في لاد الشّام” ليتطّرق إلى كلّ واحدة من الدّولتين على حدة في ثماني عشرة صفحة. بعدها ينتقل الكاتب إلى موضوع “الإمامة” فيتطرّق إلى نشوئها وتطوّرها في الإسلام، وصولًا بنا إلى القرنَين الهجريَّين الثّالث والرّابع تحت عنوان رئيس “الموحّدون الدّروز والإمامة” يطرح في متنه فكرة الإمامة بوصفها مرتكز النّفوذ والحكم الفعليّ الّذي كان يمكن أن يساعد في نشر الدّعوة التّوحيديّة.
وفي فصل آخر منفرد يستفيض الكاتب في دراسة “الإسماعيليّة” وتاريخها وتطوُّر معتقداتها ثمّ تحوّلها إلى عقيدة دينيّة مع ولادة الدّولة الفاطميّة الفتيّة، ولاحقًا انقسامها إلى فرق متعدّدة ثمّ تقلُّصها في عهد الأيّوبيّين واستمرارها إلى يومنا الحاضر في بقع مختلفة من البلدان الإسلاميّة والشّرق الأوسط على شكل مجموعات ثانويّة. ويبرز هنا طرح الكاتب فكرةً تقول إنّ عقيدة التّوحيد ليست وليدة الإسماعيليّة، لاختلافها عنها في مبادئ أساسيّة مختلفة، أوّلها الإمامة الّتي سبق ذِكرها. كما يتطرّق الكاتب إلى “علم الكلام” ثمّ “المعتزلة” فيبرز إيمانه في عقائد الاعتزال وفي تأثُّر الموحّدين بهم فيما يتعلّق بالعقل المطلق، ويُفسح لموضوع “الصّوفيّة” فصلًا كبيرًا يبدأ من تاريخ نشأتها، مرورًا بازدهارها ثمّ انتقالها من الأندلس والمغرب إلى مصر وبلاد الشّام لتعمّ العالم الإسلاميّ برمّته، ولا ينسى الكاتب طرح العلاقة بين الموحّدين الدّروز والصّوفيّة في عنوان فرعيّ تحت هذا الفصل.
يفرد الكاتب فصلًا كاملًا عن “الحاكم بأمر الله” يليه عنوان “الحدود الخمسة” الّذي يشمل خمسة عناوين فرعيّة تتطرّق إلى القيّمين على مذهب التّوحيد في مختلف أدوار الكشف. يليه عنوان رئيس “المسلمون الأوائل الّذين شايعوا للإمام عليّ بن أبي طالب” وهم: سلمان الفارسيّ، أبو ذرّ الغفّاريّ، عمّار بن ياسر، والمقداد بن الأسود الكنديّ، وجميعهم مُقدَّرون ومحترمون عند الموحّدين الدّروز.
وأخيرًا يتطرّق الكاتب إلى ثلاث شخصيّات توحيديّة بين نبيّ ووليّ وشيخ تقيّ، فأوّلها الفيلسوف هرمس، عليه السّلام، وثانيها الأمير السّيّد عبدالله التّنّوخيّ، قدّس الله سرّه، وآخرها الشّيخ زين الدّين عبد الغفّار تقيّ الدّين التّنّوخيّ، رضي الله عنه.
استخدم الكاتب في دراسته قائمة طويلة من المصادر والمراجع الجدّيّة باللّغة العربيّة واللّغات الأجنبيّة، توزّعت بين المخطوطات والسِّيَر وكتب التّاريخ المطبوعة والكتب المُعدَّة والأُخرى المترجمة إلى العربيّة والمراجع الحديثة، إضافةً إلى المراجع الأجنبيّة بين الإنجليزيّة والفرنسيّة.
___________________________________________
[1] وُلد الشّيخ سليمان سليم علم الدّين في بلدة بعقلين اللّبنانيّة عام 1921 م.، والده هو القاضي المعروف سليم علم الدّين، ووالدته السّيّدة وداد تقيّ الدّين. التحق الشّيخ سليمان بمدرسة برمانا العالية للمرحلة الثّانويّة، ثمّ بالجامعة الوطنيّة في عاليه، وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم التّجاريّة من الجامعة الأمريكيّة الّتي تخرّج فيها عام 1944 م.. انطلق في مسيرته العمليّة فكانت بدايتها حين أشغل منصب مدير عامّ ثمّ رئيس مجلس الإدارة في شركة موارد الشّرق الأدنى، وظلّ يمارس عمله في هذه الشّركة إلى أن تقاعد عام 1984 م.. عُرفت عنه خبرته في السّجّاد الشّرقيّ، وله كتاب في هذا الفنّ يحمل عنوان السّجّاد الشّرقيّ صدر عن متحف سرسق.
***
المصدر:
قراءة عامّة في كتاب دعوة التّوحيد الدّرزيّة، المدارس الفكريّة والتّيّارات السّياسيّة: تذكّر يا مروان، للشّيخ سليمان سليم علم الدّين، الطّبعة التّالية:
علم الدّين، سليمان سليم. دعوة التّوحيد الدّرزيّة، المدارس الفكريّة والتّيّارات السّياسيّة: تذكّر يا مروان. ط. 1؛ بيروت: نوفل، 1998.