الشّيخ المرحوم لبيب أبو ركن هو سياسيّ إسرائيليّ درزيّ، وُلد عام 1911 م. في قرية عسفيا الواقعة على جبل الكرمل، قرب مدينة حيفا. كان والده، الشّيخ حسين أبو ركن، مختار القرية في سنوات الثّلاثين من القرن الماضي. قدِمت عائلته إلى جبل الكرمل من سورية ولبنان، منذ حوالي ثلاثمائة عام، وكانت عائلة أبو ركن من أكبر العائلات في القرية وحظيت باحترام كبير.
كان الشّيخ لبيب عضوًا في الكنيست عن قائمة “التّعاون والإخاء” بين عامَي 1959-1962 م.، وشغل منصب رئيس مجلس قرية عسفيا المحلّيّ من عام 1950 م. حتّى عام 1959 م.، ومنصب قاضٍ في المحكمة الدّرزيّة في إسرائيل من عام 1963 م. حتّى عام 1979 م.، وقاضي المحكمة الدّرزيّة للاستئناف بين العامَيْن 1980 وَ-1989 م.، كما شغل عدّة مناصب أُخرى نذكر منها: عضو إدارة اتّحاد عُمّال إسرائيل في الهستدروت، وكان واحدًا من مُقيمي مصانع البحر الميت.
مع اندلاع ثورة فلسطين الكبرى، 1936-1939 م.، بادر الشّيخ لبيب إلى إقامة علاقات مع آبا حوشي (سكرتير مجلس عُمّال حيفا) والهاغاناه، في حينه. وخلال تلك الأحداث عمل الشّيخ لبيب بجدّ لمنع الدّروز من الاشتراك في القتال ضدّ اليهود، وقاد وفودًا إلى قادة الدّروز في سورية ولبنان لإقناعهم بعدم الوقوع فريسةً لانتفاضه عربيّة.
في عام 1946 م. هرب القادة اليهود من سجن بريطانيّ، وسمّي هذا الحدث بـِ-“السّبت الأسود”، أمّا لبيب أبو ركن وصالح طربيه فقاما بإخفاء الزّعيم اليهوديّ آبا حوشي لديهما بينما كان يلاحقه البريطانيّون.
منذ بداية ثلاثينيّات القرن الماضي كان لعائلة أبي ركن دورًا محوريًّا في إقامة روابط بين الطّائفة الدّرزيّة والمجتمع اليهوديّ (اليِشوف)، في هذا الإطار، كانوا على اتّصال بآبا حوشي في الأساس. ومع اندلاع حرب الاستقلال، بدأ جيورا زايد (ابن الإسكندر زيد) مع موشيه ديّان والشّيخ لبيب أبو ركن وابن عمّه، سليمان أبو ركن، بتأسيس وحدة عسكريّة في جيش الدّفاع الإسرائيليّ مكوّنة من جنود من أبناء الطّائفة الدّرزيّة. خلال حرب 1948 م. جنّد الشّيخ لبيب متطوّعين دروز للقتال في الجيش الإسرائيليّ، وساعد في تأسيس مجموعات تعاونيّة في القرى الدّرزيّة والعربيّة بعد الحرب. وفي المعركة الّتي دارت بالقرب من كيبوتس “رَمات يوحنان”، شمالَ البلاد، قُتل عشرات الجنود الدّروز واليهود، نتيجةً لهذا الحادث المأساويّ تمّ تنبيههم وحشدهم بالعمل الفوريّ والسّرّيّ كلّ من لبيب أبو ركن، صالح خنيفس، وغيرهم من القادة، ومن الجانب اليهوديّ جيورا زايد، موشيه ديّان، يهوشوع بالمون وضبّاط آخرون. هذا الجهد أثمر في النّهاية وتُوّج بالنّجاح.
مع قيام دولة إسرائيل، وانطلاقًا من الاعتراف بإسهام الشّيخ لبيب أبو ركن في الدّولة، أُقيم المجلس المحلّيّ في قرية عسفيا، وهو الأوّل في المجتمع الدّرزيّ، وعُيّن الشّيخ لبيب رئيسًا للمجلس وشغل هذا المنصب حتّى عام 1959 م.، وخلال هذه الفترة، أُنشأت مشاريع في القرية في مجالات: البنية التّحتيّة والتّعليم والمياه والرّعاية الاجتماعيّة.
استغلّ الشّيخ لبيب منصبه لتحسين حالة التّعليم في المجتمع الدّرزيّ، فقد كان يرى التّعليم عاملًا أساسيًّا في مكانة المرأة، وحرص على اشراك المرأة في التّعليم. وقد وظّف معرفته وعلاقاته وموقعه وفترة تولّيه منصب رئيس جمعيّة “صندوق تشجيع التّعليم الأكاديميّ عند الدّروز” في جمع الأموال والمنح الدّراسيّة، والإسهام من خلال المحاضرات والشّرح للطّلّاب الجامعيّين الدّروز.
ردًّا على السّؤال حول فكرة قيام بعضٍ من الدّروز بإقامة “دولة درزيّة”، أجاب الشّيخ لبيب:
“إنّ الدّروز لا يستطيعون إقامة دولة تحت أيّ ظرف من الظّروف… بعد دراسة الموضوع جيّدًا يمكنني القول إنّ هذه الآراء والمقترحات لم تكن أبدًا فكرة درزيّة، بل خدعة من قِبل الآخرين لتشويه وجه المجتمع الدّرزيّ. ولن يتفاجأ أحد إذا قلت إنّ هذه الفكرة قد طُرحت لي منذ 20 عامًا، حتّى انتشرت هذه الفكرة من خلالي على المسرح السّياسيّ والايديولوجيّ. يتطلّب انشاء دولة قويّة ومستقرّة، على عكس الكثيرين الّذين يعتقدون أنّ بناء المباني والحفاظ على القطيع، والسّيادة القويّة تعني دولة تقوم على اقتصاد قويّ وأدوات وذكاء وعلم (علماء في جميع المجالات)، ومصانع، وقدرات عسكريّة، وصبر وتصميم، واحترام، ومحبّة، وتعاطف وثقه متبادلة، ومساعدة ودعم المجتمعات والدّول الأجنبيّة والمزيد… كلّ ما ذكرته وبالإضافة إلى الأشياء الأساسيّة الّتي لم أذكرها تفتقدها الطّائفة لتحقيق هدف بناء دولة درزيّة”.
توفّي الشّيخ لبيب أبو ركن عام 1989 م، ودُفن في قرية عسفيا.
***
للاستزادة والتّوسُّع:
- דנה, נסים. הידיעון הדרוזי (مجلّة الأخبار الدّرزيّة), ירושלים: דפוס אל-מעארף, 1973, עמ’ 31-32.
- אביבי, שמעון. טס נחושת, המדיניות הישראלית כלפי העדה הדרוזית, 1967-1948. ל”מ: הוצאת יד יצחק בן-צבי, 2007.
- פרג’, רג’א. הקשרים בין הדרוזים והיהודים עד 1948. יאנוח: חסר הוצאה לאור, 2002.