وقعت مجزرة قلب لوزة يوم الأربعاء، 10 حزيران عام 2015 م.، واستهدفت الموحّدين الدّروز في قرية قلب لوزة الواقعة في محافظة إدلب، شمالَ-غربَ سورية، على يد إرهابيّي تنظيم جبهة النّصرة وحركة أحرار الشّام الإسلاميّة.
في عام 2014 م. بلغ عدد سكّان قرية قلب لوزة من الدّروز ما يقارب 2,000 نسمة، إلى أن أُصدر فرمان قهريّ من قِبل جبهة النّصرة يُشرعن استيلاءها على البيوت الفارغة والتّابعة لأبناء الطّائفة الدّرزيّة في منطقة ريف إدلب، ويقال إنّ النّصرة قرّرت مصادرة هذه المنازل لأنّ سكّانها هُم أهالي الشّهداء في الجيش السّوريّ، وهناك رواية أُخرى تقول إنّ هذا الفرمان أُصدر لأنّ سكّان هذه المنازل رفضوا تسليم أولادهم إلى عناصر النّصرة لتدريبهم على القتال في معسكراتهم المغلقة. استولى عناصر جبهة النّصرة، خلال أشهر قليلة من بداية عام 2015 م.، على ستّين منزلًا في قرية قلب لوزة، حتّى أصبح لا يقطنها، في حينه، أكثر من ثلاثمائة نسمة من أبناء الطّائفة المعروفيّة.
ضمنَ المنازل المستولى عليها كان هناك منزل ريفيّ لعائلة “شِبْلي” وفيها شابّ كان مواليًا للنّظام السّوريّ بصفته مجنّدًا في الخدمة الإلزاميّة. بنى عناصر جبهة النّصرة سورًا حول ذلك المنزل، ما أدّى إلى معارضة واحد من شبّان عائلة الشّبلي المقيم فيه؛ إذ كان بناء السّور قد حال دون الوصول إلى المنزل وأعاق حركة سكّانه، فما كان من المجموعة المسلّحة إلّا أن قتلت الشّابّ المعارض، وقتلوا أخاه أيضًا. احتجّ الأهالي وطوّق المسلّحون القرية، واندلعت المشاجرة بين الطّرفين، فتدخّل عشرات العناصر الخارجيّة من جبهة النّصرة وفي حوزتهم الرّشّاشات، وقتلوا من أهالي القرية الشّبّان، رجال الدّين، النّساء والأطفال، ومن القتلى من وُجدت جثّته في الشّارع ومنهم من عثروا على جثّته في المنزل. وكالة الأنباء السّوريّة الرّسميّة “سانا” نقلت الخبر وقالت: “إنّ الإرهابيّين[1] نهبوا وأحرقوا عشرات المنازل…”. بالإضافة إلى ذلك فقد أحرق المسلّحون المزارات المقدّسة عند الدّروز والقبور التّابعة لهم مُدّعين أنّها “أضرحة شِرْكِيَّة”.
عند نهاية المعركة أمر “الأمير التّونسيّ”، واسمه عبد السّلام شريف وعلى اسمه سمّيت مجزرة قلب لوزة “مجزرة التّونسيّ”، أهالي القرية بعدم الخروج من منازلهم لدفن موتاهم إلّا في ساعات اللّيل المتأخّرة، وأمر جنوده بقتل كلّ من يظهر في وجههم. هذا ما أثار غضب الدّروز في الشّرق الأوسط، عامّةً، وفي جبل الدّروز خاصّةً، وعند تدخُّلهم سارعت مجموعة من “النّصرة” ومن “أحرار الشّام الإسلاميّة” لتتولّى الأمور في قرية قلب لوزة محاولةً تهدئة الأوضاع، وعاهدت أهالي القرية على أنّ الأمر لن يتكرّر. وفي اليوم التّالي أعلنت جبهة النّصرة في صحيفة لوريون لوجور، الصّادرة بالفرنسيّة، اعتذارها عن هذا الحادث، ووعدت بالتّحقيق في هذه المجزرة الّتي راح ضحيّتها ثلاثون مواطنًا على الأقلّ، كما وعدت بمعاقبة المسؤولين المُذنبين.
مجزرة قلب لوزة أثارت ردود فعل قويّة جدًّا لدى الدّروز اللّبنانيّين، بشكل خاصّ، وقد وصف الزّعيم وليد جنبلاط، رئيس الحزب التّقدّميّ الاشتراكيّ، هذه المجزرة بـِ-“حادث فرديّ” وتعامَل مع الأمر تعاملًا واقعيًّا، وحاول تهدئة الوضع حتّى لا تُسفك الدّماء مرّة أُخرى، ثمّ نادى بالامتناع عن أيّ هيجان من قِبل دروز سورية أو لبنان؛ لأنّ ذلك سيعرض دروز سورية للخطر.
[1] القصد بالإرهابيّين أفراد تنظيم جبهة النّصرة.
* * *
للتّوسّع والاستزادة
- صحافة عربي 21، صحافة دوليّة، “لماذا اعتذرت جبهة النّصرة عن مجزرة قلب لوزة في سوريا؟”.
- جريدة المدن، دروز “قلب لوزة” يروون لـِ-“المدن” تفاصيل مجزرة التّونسيّ.
- Naharnet Newsdesk, Al-Nusra Front Kills 20 Druze in Syria: https://www.naharnet.com/stories/en/181751-al-nusra-front-kills-20-druze-in-syria
-
Syrian Druse Reconsider Alliances After Deadly Attack, Anne Barnard: https://web.archive.org/web/20181116005433/https://www.nytimes.com/2015/06/12/world/middleeast/nusra-front-druse-syria-attack.html.
-
Syrian Druze join battle to a push back rebels in south, Tom Perry: https://web.archive.org/web/20190412235504/https://news.yahoo.com/syrian-army-drives-rebels-air-south-monitor-070319476.html.