مدرسة الإشراق التّوحيديّة هي صرح تربويّ ذو طابع دينيّ-تراثيّ-توحيديّ، أقامه عدد من الأهالي وأولياء الأمور في الكرمل، قبل عدّة سنوات.
فكرة إقامة هذا المشروع الهامّ تُنسب إلى الشّيخ أبو يزيد عزّام عزّام (ابن قرية عسفيا)، فمنذ أكثرَ من عقد من الزّمن فكّر في ضرورة إقامة مدرسة تحمل بذرة التّوحيد والفكرة التّوحيديّة لبثّها وتنشئة الأجيال عليها، فبادر إلى إنشاء مدرسة أهليّة تحمل راية التّوحيد، وبالفعل بهمّته وهمّة من رافقه من المشايخ أُقيمت مدرسة العرفان الأهليّة، ليستمرّ العمل فيها إلى ما يقارب العقد ونيّف، ثُمّ ضُمّت المدرسة إلى وزارة التّربية والتّعليم، عام 2008 م.، بمبادرة كريمة وعمل كؤود من السّيّد أبي عميد وجيه كيّوف، رئيس مجلس عسفيا المحلّيّ ؛ فعلى مدار سنتين تقاضى المعلّمون والمعلّمات أجورَهم من المجلس المحلّيّ، مع العجز الماليّ الذّي عاناه. استطاع السّيّد كيّوف الحصول على مصداقيّة لفتح المرحلة الإعداديّة (مدرسة الإشراق التّوحيديّة الإعداديّة)، ومن ثمّ افتتاح المرحلة الثّانويّة، عام 2014 م.، لتصبح فيما بعد مدرسة شاملة إعداديّة-ثانويّة (من الصّف السّابع حتّى الثّاني عشر). والمدرسة، كما أسلفنا، ذات طابع دينيّ-تراثيّ-توحيديّ، مهمّتها غرس المبادئ والفضائل التّوحيديّة في نفوس الطّلّاب، إلى جانب العلوم والمعارف العاديّة، وتصبو إلى أن تكون مدرسة ذات مستوى عالٍ في منهاجها، وفي مسيرة الدّراسة فيها، وفي التّربية الّتي تقدّمها لطلّابها وطالباتها. ومنذ افتتاح مدرسة الإشراق حتّى عام 2022 م. أشغلت الأستاذة أمّ عنان نوال وهب منصب مديرة المدرسة الشّاملة، أمّا الأستاذ الشّيخ أدهم حسيسي فاختير لمنصب مدير المرحلة الإعداديّة، والأستاذ الشّيخ ديّان أسد نائبًا للمديرة…
فتحت الإشراق أبوابها بعدد طلاب لا يزيد عن 117 طالبًا، وحظيت بدعم معنويّ ومادّيّ متواصل، وبمجهود من قِبل لجنة الأهالي الّتي عملت كلّ ما في وسعها من أجل مساندة الإشراق والرّقيّ بها إلى أعلى المستويات، دينيًّا وعلميًّا. بدأت من الصّفّ الأوّل حتّى الصّفّ السّادس، ثمّ استمرّت في المرحلة الإعداديّة وأكملت مسيرتها في المرحلة الثّانويّة، وتخرج فيها حتّى الآن عدّة أفواج بنجاح.
تمتاز المدرسة بأنّها مدرسة للطّلّاب والطّالبات، من حيث الإطار المدرسيّ، لكنّ التّعليم فيها يتمّ في صفوف منفردة تفصل الطّلّاب عن الطّالبات، كما انتهجت المدرسة لباسًا تراثيًّا موحّدًا. وتجدر الإشارة إلى أنّ مدرسة الإشراق حظيت بمساندة رؤساء المجالس المحلّيّة والمجلس الدّينيّ الدّرزيّ الأعلى ورجال الدّين الّذين دعموا ولم يزالوا يدعمون المدرسة، معنويًّا ومادّيًّا، من دفع المسيرة إلى الأمام.
واجهت المدرسة في مسيرتها صعوبات جمّة وعديدة، كمشكلة المبنى والنّقص في الغرف التّعليميّة والمختبرات العلميّة وغيرها من المتطلَّبات الأساسيّة. ومع العراقيل كلّها، وببركة المشايخ وأهل الخير، شقّت الإشراق طريقها وصولًا إلى القمّة. اكتسبت المدرسة اعترافًا رسميًّا من وزارة المعارف والثّقافة، وترافقها لجنة آباء دؤوبة توفّر لها حاجيّاتها كافّةً ممّا جعل مدرسة الإشراق تستقرّ وتأخذ مكانها بين المدارس المختلفة في الكرمل، وتجذب إليها حتّى طلّابًا من خارج القرية. وقد حقّقت مدرسة الإشراق علامات بجروت بدرجة تفوُّق في تعليم الخمس وحدات رياضيّات ولغة إنجليزيّة.
يتعلّم اليوم في الإشراق ما يقارب الـ-900 طالب وطالبة يتوزّعون على ثلاث مدارس: ابتدائيّة، إعداديّة وثانويّة. ومن أهداف المدرسة: توفير بيئة تعليميّة لأبناء القريتَين: دالية الكرمل وعسفيا، تضمن المحافظة على الأخلاق والقيم التّوحيديّة وتوفّق بين هذا والتّعليم الحديث، كي يكون هناك مجتمع مثقّف ومتمسّك بمبادئه وتراثه، جذوره مغروسة في أرض التّقوى وهممه تعانق سماء التّقدّم والنّجاح.
مدرسة الإشراق التّوحيديّة تصبو إلى النهوض بطلّابها وطالباتها نحو مجتمع راقٍ، متعلّم، متحضّر ومحافظ على عاداتنا وتقاليدنا الّتي نعتزّ بها ونفتخر. وتُكرّس المدرسة جهُودها وجلّ اهتمامها وعطائها لنجاح رُوّادها وتهيئتهم لخوض مُعتَرك الحياة ومواجهة خفاياها بنَفْسِيّات راقية، مهذَّبة، متنوّرة، متعلّمة ويَقِظة لكلّ ما هو عَصريّ وحديث، مُنتَقِيَة من الحداثة لُبَّها؛ تاركةً قُشُورَهَا؛ لأنّ الإشراق تطمح إلى تنشِئة أجيال واعية ومثقّفة وفعّالة اجتماعيًّا، ومحافِظة على أصول العادات والمذهب التّوحيديّ، ذلك كلّه بهدف رفع شأن المجتمع نحو العُلى دائمًا.
نبذة عن إنجازات مدرسة الإشراق:
- ضُمّت المدرسة إلى شركة “أورط”، بمبادرة خيّرة من السّيّد وجيه كيّوف؛
- تقديم دورة “ياعيل” (יעל) لطلّاب الثّواني عشر؛
- نتائج مُرضية جدًّا لامتحانات التّوجيهيّ (البجروت) للمرحلة الثّانويّة؛
- تُوِّجَت المدرسة بين العشريّة الأولى في الدّولة في جولة امتحانات النّجاعة (מיצ”ב)؛
- بناء بناية مدرسة الإشراق الشّاملة، على مساحة 8 دونمات، في المنطقة الواقعة بين قريتَي عسفيا ودالية الكرمل (في القرب من بناية بيت المسنّ) لتسهيل تقديم خدمات المدرسة لروّادها من كلا القريتَيْن؛
- تجتهد المدرسة في تخريج أفواج حَفَظَة ومُحَدِّثَة فتُخصّص ساعات كسْر (حفظ وتلاوة لكتاب الله)؛
- اعتادت الإشراق أن تفسح المجال أمام طلّابها لاعتلاء منبر التّعبير عن الرّأي في مجالات مختلفة ومشاريع شتّى.
***
المصادر:
- نصرالدّين، ربيع. “مشروع مدرسة الإشراق”. نهج الميثاق 1 (كانون ثانٍ 2020)، ص. 135-134.
- حوار مع الأستاذ الشّيخ عائد قويقس حول “فكرة مدرسة الإشراق”.