معركة الأقحوانة

معركة الأُقحوانة دارت رحاها بين جيش الموحّدين، بقيادة أمير الجيوش أنوشتكين الدّزبريّ[1] والأمير رافع بن أبي اللّيل الكلبيّ[2] رضي الله عنه، من جهة، وجيش المرتدّين، بقيادة صالح بن مرداس[3]، حسّان بن المفرج[4] وسنان بن عليّان[5]، من جهة أُخرى. وقعت هذه المعركة في اليوم الثّاني عشر من شهر آذار من عام 1029 م.، وكانت الغلبة وكان النّصر فيها لجيش الموحّدين.

أمّا الأُقحوانة فهي موقع سهول على الطّريق الأردنّيّ-السّوريّ-الفلسطينيّ (اسمها الشّونة الشّماليّة حاليًّا)، إلى جوار حطّين، تطلّ على بحيرة طبريّة (الّتي هي بحر الجليل) وعلى بيسان وكوكب الهوى، وأصل تسميتها، “الأُقحوانة”، هو انتشار زهرة الأُقحوان في ربوعها.

جاء التّوقيع أنوشتكينَ الدّزبريّ بولاية عامّة فلسطين، في شهر محرّم عام 414 ه./ 1024 م.، ولم يرُق هذا الأمر أمراءَ العرب الّذين كانوا طامعين في إقامة مُلك لهم على أرض فلسطين، فتحالف ثلاثةٌ منهم واتّفقوا على الإطاحة بالدّزبريّ وتطهير بلاد الشّآم من النّفوذ التّركيّ وسلخها عن الفاطميّين، والمتحالفون هُم: “عُدّة الدّولة” (لقب) حسّان بن المفرج الطّائيّ، ملك بيت جبرين؛ “أسد الدّولة” (لقب) صالح بن مرداس الكلابيّ، شيخ بادية الفرات؛ وَ-“صمصام الدّولة” (لقب) أبو راشد سنان بن عليّان بن البنا الكلبيّ، أحد أمراء دمشق. هؤلاء الثّلاثة عقدوا اتّفاقًا في ما بينهم على اقتسام البلاد؛ فتكون دمشق وضواحيها لابن عليّا (لبني كلب)، والمنطقة من حلب إلى عانة (نهر الفرات) لابن مرداس (للمرداسيّين)، والمنطقة من الرّملة إلى مصر لابن المفرج (لبني الجرّاح). واتّفقوا على مداهمة الرّملة، وهي عاصمة فلسطين وقاعدة مملكة أنوشتكين آنذاك، في يوم واحد. وعن ابن الأثير، يقول:

“فسار حسّان إلى الرّملة وحاصرها وبها أنوشتكين. فسار عنها إلى عسقلان، واستولى عليها حسّان ونهبها وقتل أهلها وذلك سنة 414 ه./ 1024 م. أيّام الظّاهر لإعزاز دين الله خليفة مصر”.[6]  

واستولى بنو الجرّاح على الرّملة، أيضًا، وكانت أكبر مدينة في فلسطين، فأحرقوها بعد نهبها. ومَلَك صالح بن مرداس من بعلبك إلى عانة وأقام في حلب ستّ سنوات. وفي عام 420 ه. جهّز الظّاهر، صاحب مصر، جيشًا قوامه سبعة آلاف فارس، وسيّرهم إلى الشّآم لقتال صالح وحسّان، وكان مقدَّم العسكر أنوشتكين الدّزبريّ، فاجتمع صالح وحسّان على قتاله، واقتتلوا في موقع الأُقحوانة المذكور، فقُتل صالح وولده الأصغر، وحُمل رأساهما إلى مصر، وقُتل غيرهما من الّذين حاولوا مضايقة الدّعوة التّوحيديّة، وهرب حسّان إلى بلاد الرّوم (إلى البيزنطيّين)، وتشرّد جيشه في البلاد.

يقول صاحب كتاب الدّروز: وجودهم ومذهبهم وتوطنهم في وصفه جيشَ الموحّدين في الأُقحوانة:

“هناك في سهل الأقحوانة وجوار حطّين كان بناء الطّائفة الدّرزيّة العسكريّ المتين وفيها تفيّأت راية الأمير أنوشتكين وانتسبت بفخر إليه، وهناك تعاقدت الأيدي، وعلى مقام شُعيب (ع) القائم في الأقحوانة ما بين طبريّة وحطّين عُقدت المواثيق وتُليت الأقسام وعُرّفت الدّرزيّة بأخوة سلاح، ومعموديّة دماء فرقة عسكريّة لا تنوء ولا تلين…”.[7]

معركة الأُقحوانة كانت معركة مصيريّة أدّت إلى انحسار نفوذ القبائل العربيّة وإعادة الفاطميّين سيطرتَهم على جنوب بلاد الشّآم ووسطها، وجعلت مُلك الشّام وحُكمها في يد أنوشتكين الّذي تلقَّب بُعيد الأُقحوانة بـِ-“الملك المُظفَّر” (ويقال الأمير المُظفَّر) وَ-“مُصطفى المُلْك”. وما يهمّ الموحّدين من معركة الأُقحوانة هو أنّهم اشتركوا فيها مع رجال بني كلب، بقيادة الأمير رافع بن أبي اللّيل الكلبيّ، ثمّ مقتل عدوّهم صالح بن مرداس الّذي تعاون مع والي دمشق، عبد الرّحيم بن الياس، في اضطهادهم وقتل الكثيرين منهم.

_______________________________________________

[1] أنوشتكين بن عبد الله الدّزبريّ، من ألقابه: الأمير المظفّر منتجب الدّولة؛ أمير الجيوش؛ سيف الخلافة؛ عضد الدّولة؛ شرف المعالي؛ أبو منصور. قائد تركيّ الأصل، من أتراك “الغور”. كان نائبًا للفاطميّين على بلاد الشّآم وفي يده دمشق والرّملة وعسقلان وغيرها. نسبته “الدّزبريّ” إلى “دزبر بن أويتم الدّيلميّ” الّذي أهداه إلى الحاكم بأمره في جُملة غلمان عام 403 هـ، وتوفّي الدّزبريّ عام 433 هجريّ.

[2] الأمير رافع بن أبي اللّيل الكلبيّ؛ من عرب العراق، يُعتقد أنّه كان من زُعماء طي (أو طيء)، أمراء عرب العراق. قَدِم حلبَ وأصبح من ذوي الأملاك فيها، وتولّى إمارة “بني كلب”، بعد وفاة عمّه الأمير الّذي كان مقرّبًا من الخليفة الفاطميّ الظّاهر. كان للأمير رافع دور عظيم في دعوة التّوحيد بِرَدّ الأذى ورفع الظّلم عن جماعة الموحّدين.

[3] “أسد الدّولة” صالح بن مرداس بن إدريس الكلابيّ؛ مؤسّس الدّولة المرداسيّة في حلب (415-474 ه.)، شيخ بادية الفرات وأمير “بني كلاب”.

[4] “عدّة الدّولة” حسّان بن المفرج بن الجرّاح الطّائيّ؛ شيخ قبيلة “طي” (أو طيء) ومَلك بيت جبرين.

[5] “صمصام الدّولة” أبو راشد سنان بن عليّان بن البنا الكلبيّ، أحد أمراء دمشق وزعيم “بني كلب”.

[6] ابن الأثير، 2003، ص. 69-70.

[7] أبو إسماعيل، 1952، ص. 65.

* * *

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. ابن الأثير. الكامل في التّاريخ. ط. 4. بيروت: دار الكتب العلميّة، ج. 8، 2003.
  2. أبو إسماعيل، سليم. الدّروز: وجودهم ومذهبهم وتوطّنهم. بيروت: مؤسّسة التّاريخ الدّرزيّ، 1952.
  3. الصّليبيّ، كمال. بلاد الشّام في العصور الإسلاميّة الأولى. ط. 3. بيروت: نوفل، 2011، 158؛ 160؛ 162؛ 210؛ 214.
  4. علم الدّين، سليمان سليم. دعوة التّوحيد الدّرزيّة. بيروت: منشورات نوفل، 1998.
  5. ابن القلانسيّ. ذيل تاريخ دمشق (الصّواب: المذيَّل في تاريخ دمشق). بيروت: مطبعة الآباء اليسوعيّين، 1908.
  6. ناطور، سميح. “معركة الأقحوانة”. موسوعة التّوحيد الدّرزيّة، سميح ناطور (تحرير). 1 (2011).

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה