مواقف وأحداث في تاريخ الموحّدين الدّروز

مواقف وأحداث في تاريخ الموحّدين الدّروز
مجلّة نهج الميثاق؛ إصدار مركز التّراث الدّرزيّ في إسرائيل

العدد الثّاني| نيسان 2020

كاتب المقالة: الشّيخ منير فرّو

لا شك في أن لشجاعة الموحدين الدروز وبسالتهم وإقدامهم على المكاره، وكرمهم وشهامتهم وصيانتهم للأرض والعرض والمعتقد، وأخلاقهم السامية، وصفاتهم الحميدة، وحفظهم للجار واحترامهم لمن يسكن معهم وبينهم من الشعوب، ولتاريخهم المليء بالبطولات والعزائم، جعل جميع الشعوب والمحتلين لأراضيهم أن ينسبوهم إلى عرقهم، والكل حاول أن يجد بينه وبين الدروز صلة وقرابة في الآباء والأجداد، طمعا في صيتهم الحميد، وحسما لألسنة الناس، بأن هذا المحتل حارب الدروز وبالرغم من قلتهم انكسر أمامهم وانهزم.

قال تعالى: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”، وهنا لا بد ان أبيّن كيفية الدروز والحيط الواقف بالمثل القائل (سرارة بتسند اكبر حيط) فأقول: عندما كنت صغيرا كنت أذهب برفقة والدي (أطال الله عمره) إلى العمل معه في البناء والعمار، فأساعده في إحضار حجارة البلوك وتجهيز الطين ليبني به، وكلما أراد أبي أن يبدأ ببناء المدماك الأول من الحائط ويضع خيط العمار بين الحجر الأول والآخر ليكون الحائط مستقيما، يطلب مني أن أحضر له حجارة حصى صغيرة (سرارة) ليضعها تحت حجارة البلوك لتقف متوازية حسب ميزان الماء، قائلا لي: “يا ابني سرارة بتسند أكبر حيط “، فأقف حينها متفكرا في قرارة نفسي سائلا ذاتي: “كيف لسرارة صغيرة أن تسند حائطا شامخا؟”، ولكن أخرج مع ذاتي بعبرة: ” أن الله القادر القاهر يجعل من الضعيف ما يعتبر به القوي، وأن الله يضع سره كما قيل:” في أضعف خلقه” ليظهر لخلقه عظمته.

هكذا نحن أبناء المجتمع المعروفي القليل بعدده، المخلص لدولته، الوفي بولايته، دائما وأبدا كنا السرارة التي تسند المدماك الأول لكل دولة أو إمبراطورية قامت في شرقنا وعلى مر التاريخ، وذلك لأننا نعمل حسب مقولة السيد يسّوع المسيح (ع): “أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، وهذا هو شعارنا في كل دولة أن نكون أمينين لكل دولة نعيش فيها بغض النظر عن العقيدة التي تدين بها حتى لو كانت مجوسية.

في إحدى المقابلات التي أجريت مع عطوفة القائد سلطان باشا الأطرش قال: “إن الدروز لا يتحمّلون الضيم، ولذلك كانت السلطة (القصد هنا تركيا) تداريهم، ولا تأخذ منهم الضرائب إلا قليلا يدفعونها بملء خاطرهم. مهما كانت الدولة لا بد ان يحترمها الإنسان، طول عمره الجبل في مأمن من طغيان السلطة التركية ولكن… في بعض المرات كان يظهر طغيان الدولة عنيفا وذلك عندما يشعرون أن هنالك نقطة ضعف في وحدة الدروز، فيحاولون اختراقهم من خلالها”. لقد آمن الدروز بالقضاء والقدر وبالرضى والتسليم للخالق عز وجل فآمنوا أن الحكم والسلطة هو من قبل الخالق الذي يعطيه ويمنعه لمن يشاء فلذلك يرضون بما يكتبه الله بشرط أن تبقى كرامتهم عالية وان يبقوا متشبثين في أرضهم مع البقاء على عرضهم مصان وهذا جعلهم ان يكونوا جنودا بواسل لكل دولة يكتب لها الخالق الحكم. فلبسالة الدروز وإخلاصهم وشجاعتهم كان كل فاتح يستعين بهم: فجنود القائد صلاح الدين الأيوبي (1138-1193م) كانوا من أبطال بني معروف الموحدين، والذي انتصر على الصلبيين في موقعة حطين، مما جعله يقوم بتشييد مقام نبي الله شعيب (ع) إكراما لصاحب المقام وللدروز، وبانتصاره هذا منع الصليبيين من احتلال القدس وأصبح مفخرة للأمة العربية بخلود الزمان. ثم المغول بقيادة جنكيز خان ثم هولاكو (1217-1265) وثقوا بالدروز وقلـّدوهم المراتب العالية. وأيضا لما جاء المماليك (1250-1517) استعانوا بهذه الطائفة المعروفية لإقامة دولتهم وكسر أعدائهم. وأيضا الأتراك (1280-1922) علموا قدر هذه الطائفة فاستعانوا بهم لإخماد الثورات ضدهم. وكذلك الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير (1572-1635) الذي قام بإعمار لبنان ثقافيا واقتصاديا وعمرانيا، ونشر التسامح الديني، فبنى الجوامع والكنائس وأهمها كنيسة البشارة في الناصرة، والتي منها كانت انطلاقة بشارة السيد المسيح برسالته، وقد قاوم المعني الحكم العثماني المستبد الذي كان سببا لجهل ومحي ثقافة الأمة العربية في الشرق.   وأيضا عندما قدم نابليون بونابرت القائد الفرنسي لاحتلال الشرق (1769-1821) وقف الدروز أمامه سدّا منيعا ومنعوه من اقتحام أسوار عكا، مما أفشل حملته على شرقنا، وقد حاول نابليون أن يقنع الدروز من خلال الرسائل لأن يستجيبوا لمطلبه محاولا إغرائهم بإقامة دولة درزية فرفضوا. وقد تصدى الدروز لجيوش إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا الذي حكم مصر (1848)، وقد كان ألباني الأصل، مما يدل أنه مستعمر وليس معمّر، ومنعوه من احتلال سوريا.

ثم جاء دور القائد والثائر الكبير، عطوفة سلطان باشا الأطرش الذي أعلن الحرب على الأتراك عام 1914 حتى أخرجهم بالكلية عام 1918 من الأراضي السورية وبعدها دخل المستعمر الفرنسي فلما زاد من تدخله في الجبل ومس كرامة الدروز وعاداتهم مستعملا المصطلح “فرق تسد”، أعلن عطوفته الحرب على الفرنسيين عام (1925) مترأسا أشبال بني معروف الأشاوس، ومحررا الأراضي العربية السورية من الاستعمار الفرنسي الغاشم، الذي اهتزت المعمورة ببطولته وبطولة المعروفيين البواسل الذين كانوا يتصدون لدبابات وطائرات الفرنسيين بأبسط الأسلحة اليدوية. وأيضا سلطان حرّر سوريا من حكم الطاغية أديب الشيشكلي (1954) والذي اغتاله البطل الدرزي نواف غزالة في البرازيل انتقاما لشهداء الدروز. ثم جاءت ثورة الأمير مجيد أرسلان والذي استطاع أيضا من تحرير لبنان ومنحه الاستقلال ورفع العلم اللبناني في بلدة “بشامون”. ثم جاء دور دروز الأزرق والذين ساعدوا بدورهم الأسرة الهاشمية في تثبيت حكمهم.

وجاء دور دروز إسرائيل والذين بقوا متشبثين في أرضهم ومحافظين على عروبتهم مسطرين بصمات الصمود، حيث بقيت قراهم متجذرة في جبال الكرمل والجليل كتجذر السنديان والبلوط والصنوبر والزيتون والأرز، وقد كان لهم الفضل الكبير في إبقاء العدد الكبير من القرى العربية في أماكنها دون الرحيل، كما كانت القرى الدرزية في زمن  الحرب ملاجئا للمهجرين من ديارهم، عاملهم أهلها معاملة الضيوف والأهل المحترمين، وأيضا كان لهم الفضل الكبير في تحقيق مفاوضات السلام بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، ولوفائهم وإخلاصهم جعل دولة إسرائيل تحترمهم. وأيضا في حرب 1967 بقوا دروز هضبة الجولان صامدين في قراهم لم يرحلوا كغيرهم، تشبثوا في أرضهم لتبقى خضراء تنبت التفاح والكرز من مياه ثلوج جبل الشيخ وتفتخر بهم سوريا الأم. وأيضا في عام 1982 عند غزو إسرائيل لأرض لبنان، بقي الدروز في أراضيهم مكرمين، يحمون من التجأ إليهم من باقي الطوائف التي لم تجد ملاذا إلا بين أحضان بني معروف، وأيضا خرجوا منتصرين في حرب الجبل، تلك الحرب التي عملت على إشعالها الأيادي الأجنبية بهدف تمزيق لبنان وتقسيمه إلى دويلات طائفية، وخرج الدروز من حربهم مع الكتائب مرفوعي الرأس لانهم اثبتوا انهم لن يكونوا مرة خائنين للأوطان مهما كانت قوة الأعادي ومطامع من يدعمهم، ولولا انتصار الدروز على جنود الكتائب العميلة كان كل شعب لبنان مهجرا كما الشعب الفلسطيني.

ثم لا ننسى الفضل الفكري والثقافي الكبير في مجال الطب والفلسفة والاجتماع والسياسة الذي قدمه المعلم والأستاذ الفيلسوف المغدور كمال بك جنبلاط، وأيضا ما قدمه في دعم القضية الفلسطينية، وأيضا دعمه المستمر لزعيم أكبر دولة عربية، الرئيس جمال عبد الناصر، ومده بالآراء والأفكار الاشتراكية الصائبة لقيادة الأمة، وخلفه ابنه المحنك سياسيا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وقائد حرب الجبل في الحرب الأهلية، وأيضا وقفته الجبارة في تحرير لبنان من التدخل السوري والمصالحة مع عدوه في حرب الجبل أمين الجميل والبطريرك الماروني بطرس صفير لتوحيد لبنان واطفاء الطائفية. وأيضا ما قام به سماحة الشيخ محمد أبو شقرا شيخ العقل في توحيد الصف اللبناني والحفاظ على عروبته. كما لا يمكن نسيان ما قدمه أمير البيان شكيب أرسلان للأمة العربية في أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما قدمه أيضا من ثروة أدبية لا تكال بمكيال. وأيضا ما قدمه الأمير عادل أرسلان في الثورة الكبرى، وما يقدمه الأمير طلال أرسلان ابن الأمير مجيد أرسلان، في الأحداث الأخيرة التي جرت وتجري في لبنان في ظل الفوضى الأمنية، ومسلسل الاغتيالات الدامية، وأكبرها حجما اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وايضا في احداث الربيع العربي الذي ساد البلدان العربية وخاصة سوريا وظهور الفرق التكفيرية مثل داعش وجبهة النصرة بقيت السويداء وحضر وباقي القرى الدرزية دون غيرها صامدين متحدين ومتحدين امام كل المعتدين على الوطن والشعب السوري.

فنحن أبناء الطائفة الدرزية وبكل تواضع، كنا وما زلنا حجر الزاوية لهذا العالم ذلك الحجر الذي قال عنه المسيح ع: “إن الحجر الذي أهمله البناؤون يمكن أن يكون حجر الزاوية” وذلك لما نقوم به من خدمة معروفية مجانية لكل البشر، ولهذا سمّوا الدروز بـ “بني معروف” لمعروفهم، وهذا الاسم يكاد يكون شهادة لهم، اتفقت كل الأمم على منحهم إياها، تقديرا على معروفهم، وكما قال النبي الكريم عليه أتم الصلوات وأتم التسليم: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله أو حتى قيام الساعة”. فإذا كنا مع الحيط الواقف، فهذا يدل على أنه لا يمكن لأي حائط كان أن يقف ويشيّد بدون الحصى الصغيرة (السرارة)، والتي هي نحن، لأن السرارة كما قال لي أبي: “تسند أكبر حيط”.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה