عادل أرسلان

وُلد الأمير عادل أرسلان عام 1887 م. في الشّويفات، وله ثلاثة إخوة أمراء: نسيب، شكيب وحسن، أبناء الأمير حمّود بن حسن أرسلان، من أمراء جبل لُبنان. عادل الشّابّ كان فارع القامة، جميل الصّورة، قويّ الحجّة، فصيح اللّسان، أمير المجالس، فذّ الشّخصيّة، عفيفًا، رحيمًا على أهله وخلّانه، متعلّقًا بوالدته، شديدًا على الأعداد ومتفانيًا في حبّ وطنه وعروبته.

نشأ الأمير عادل في جوّ الشّعور بالخطر على الوجود والتّراث؛ إذ تميّزت الفترة الّتي عاشها بانحلال المجتمع التّقليديّ تحت تأثيرَيْن عظيمَيْن: الأوّل، الغزوة الصّناعيّة الأوروبّيّة الّتي شلّت الحِرَف والصّناعات اليدويّة المحلّيّة، والثّاني، أفكار الثّورة الفرنسيّة الّتي عجزت النُّظُم القائمة عن مُضاربتها؛ فوقعت فِتنة عام 1860 م. لتكون علامة على انحلال النّواة الاجتماعيّة.

الأمير عادل أرسلان (1887-1954 م.)، صورة التقطت في بغداد عام 1935

تلقّى دروسه في مدرسة “الحكمة”، حيث درس العربيّة على يد المعلّم عبد الله البستانيّ، وتعلّم الفرنسيّة على يد المربّي الشّهير أوغست أديب. وبعدها تابع دراسته في الكلّيّة الإسلاميّة، حيث أتقن اللّغة التّركيّة، ثمّ سافر إلى إسطنبول وتابع دراسته العليا في كلّيّة الحقوق والإدارة العامّة. بعد ذلك عُيِّن موظّفًا في وزارة الدّاخليّة في العاصمة بيروت، ولاحقًا انتُخب نائبًا عن جبل لُبنان في مجلس المبعوثان العثمانيّ وعاد إلى إسطنبول (1916-1918 م.) فكان أصغر النّوّاب سنًّا، ومثّل في المجلس شباب العرب وأماني العرب، ووجّه طَعْنَهُ إلى حكومة ذلك العهد وإلى جمال باشا قائد الجيش الرّابع وحاكم بلاد الشّام العسكريّ.

وفي إسطنبول تعرّف إلى عزيز باشا المصريّ ومحمود شوكت باشا البغداديّ وفهمي بك المصراطيّ الطّرابلسيّ وسليم بك الجزائريّ. وبصحبة هؤلاء الرّجال وبدخوله في الجمعيّة القحطانيّة، أولى الجمعيّات العربيّة السّرّيّة، ترسّخت في قلب الشّابّ عادل فكرة القوميّة العربيّة فتحوّل من “الجنتلمان” العثمانيّ إلى الأمير اللُّبنانيّ العربيّ.

عام 1919 التحق بالأمير فيصل في دمشق فجعله الأخير سكرتيره الخاصّ، وأرسله في مهمّة إبلاغ دول العالم اعتداء الجنرال غورو على البلاد بزحف جيشه على عاصمتها. وبعد سقوط دمشق في يد الفرنسيّين، بُعيد معركة ميسلون، تقوّض العرش الهاشميّ في سورية، وحكمت فرنسا على الأمير عادل بالإعدام غيابيًّا عام 1920 م.. عاد الأمير من أوروبّا وجعله الأمير عبد الله، أمير الأردنّ، رئيس ديوانه ومستشاره (1921-1923 م.) حتّى اختلفا في الرّأي، فأُبعد الأمير عادل إلى الحجاز ومنها انتقل إلى القاهرة عام 1924 م..

في هذه المرحلة التحق الأمير عادل بالثّورة السّوريّة الكبرى وتولّى قيادة إقليم البلّان، وإذ ظهرت شجاعته في القتال لُقّب بـِ-“أمير السّيف والقلم”، ونظم أجمل القصائد في أثناء المعارك. بعد الثّورة سافر إلى أوروبّا، ومن هناك كتب إلى أخيه الأمير شكيب يقول:

“لا أشتاق إلى المال ولا أذكره لطمع في الدّنيا أو لملاذ أستعين بالمال لبلوغها، ولكنّ المال في هذا العصر أقوى سلطانًا منه في كلّ العصور، وقد أشعرتني الغربة بافتقاري إلى المال فقبلت أن أكون وكيلًا لشركات أجنبيّة لها مصالح معيّنة في بعض البلدان، ولا دخل لها ولا لمصالحها في السّياسة، ويُعاكسني أكثر الأصدقاء وغير الأصدقاء، لعلاقة للبعض منهم بشركات أُخرى، مُدّعين أنّه لا يليق بي وأنا العربيّ الوطنيّ المجاهد في سبيل العرب أن أكون وكيلًا لشركات أجنبيّة…”   

في أثناء غُربته في بلاد الغرب درس الأمير عادل اللّغةَ الإنجليزيّة وأسبابَ تأخّر العرب، فوجد أنّ أسباب فساد الحُكّام وأهل الحلّ والعقد أضعَفَ العزائم أمام هَجْمات الاستعمار الأوروبّيّ الشّرسة. ثمّ إنّ أنانية رجال السّياسة وحبّهم للزّعامة الفارغة وتعلّقهم بالمظاهر الزّائفة فرّقت كلمتهم ضدّ المحتلّ الأجنبيّ، وعامّة النّاس مخدوعون أو مغلوبٌ على أمرهم. أضف إلى أنّ الجهل والعِلم النّاقص هما سببان لتأخّر البلاد العربيّة. هذه الغربة صهرت روح الأمير عادل وعقله وهيّأته ليتّخذ دور “الرّجل الدّبلوماسيّ”، فعاد من منفاه عام 1936 وبدأ مشواره في السّلك الدّبلوماسيّ السّوريّ، واشترك في أعمال الوفود السّوريّة في هيئة الأمم المتّحدة، إلى جانب إشغاله مناصب وزاريّة عديدة، منها: الدّفاع والخارجيّة والتّربية. 

توفّي الأمير عادل عام 1954 م. في العاصمة اللُّبنانيّة بيروت.

* * *

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. أرسلان، عادل. الأمير عادل أرسلان: المذكّرات؛ الجزء الأوّل 1934-1935. تحقيق: د. يوسف إيبش. بيروت: الدّار التّقدّميّة، 2019.
  2. الباشا، محمّد خليل. “أرسلان، عادل”. معجم أعلام الدّروز. محمّد خليل الباشا (تحرير). ج. 1 (1990)، ص. 151.
  3. البعيني، نجيب. رجال من بلادي. د. م.: مؤسّسة دار الرّيحانيّ، 1984.
  4. بواب، سليمان سليم. موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين. د. م.: د. ن.، ج. 1، 1999.
  5. جابر، محمّد. الأمير عادل أرسلان أمير السّيف والقلم. المختارة: الدّار التّقدّميّة، 2011.
  6. الحلبيّ، عبّاس. الموحّدون الدّروز؛ ثقافة وتاريخ ورسالة. بيروت: دار النّهار، 2008، ص. 138-139.
  7. فرّو، قاسم رجا. الدّروز، شهادات، أعلام ووثائق. عسفيا: الوادي للطّباعة والنّشر، 1996، ص. 145-150؛ 151-171.
  8. أبو مصلح، حافظ. تاريخ الدّروز في بيروت 1017-1975. بيروت: دار صادر، 1998، ص. 63-65.
  9. ناطور، سميح. “أرسلان، عادل حمّود”. موسوعة التّوحيد الدّرزيّة. سميح ناطور (تحرير). ج. 1 (2011)، ص. 146.
  10. “عادل أرسلان”. (2022، كانون أوّل، 28)، في ويكيبيديا الموسوعة الحرّة: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%84_%D8%A3%D8%B1%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%86

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה