الانتفاضة الشّعبيّة في سورية وانحسار دَوْر الأقلّيّات – الحالة الدُّرزيّة

الانتفاضة الشّعبيّة في سورية وانحسار دَوْر الأقلّيّات – الحالة الدُّرزيّة

الانتفاضة الشّعبيّة في سورية وانحسار دَوْر الأقلّيّات – الحالة الدُّرزيّة

د. يسري خيزران

على مرّ تاريخ طويل شكّلت مجموعات الأقلّيّة مركِّبًا هامًّا في النّسيج الاجتماعيّ والثّقافيّ للشّرق الأوسط العربيّ، وأسهم وجودُها إسهامًا غزيرًا في الطّبيعة التّعدُّديّة الخاصّة بالمجتمعات العربيّة. ومع أنّ للمسألة العدديّة دورًا مركزيًّا في خلق التّمييز بين مجموعات الأقلّيّة ومجموعات الأغلبيّة فإنّ الشّرق الأوسط العربيّ يُعدّ موطنًا حاضنًا لأقلّيّات مختلفة، مثل: الأقباط في مِصر، العلويّون والموحّدون الدّروز في سورية، الأكراد في العراق، والشّيعة في الكويت والمملكة العربيّة السّعوديّة.[1] وجاء اندلاع موجة الانتفاضات الشّعبيّة، المعروفة بِاسم “الرّبيع العربيّ”، فأضحى تحدّيًا كبيرًا في وجه الأقلّيّات العرقيّة والدّينيّة في العالم العربيّ، خاصّةً في سورية والعراق.

هذا المقال يتناول عواقب الانتفاضة السّوريّة على الموحّدين الدّروز في سورية وخارجها، ويطرح حُجّة رئيسة مفادها إنّه بعد عدّة عُقود من اندماج الأقلّيّات في مجتمعات الأغلبيّة أمست تلك الأقلّيّات على دراية بأنّ خطرًا حقيقيًّا يُحدِق بوجودها. ثمّ إنّ الانتفاضة في سورية كشّفت، بصورة أعمق، عن الضّعف البنيويّ الّذي تعانيه الأقلّيّات الّتي تعيش في دوَل قوميّة-إقليميّة، ومن بينها الموحّدين الدّروز. وقد أظهر انهيار سيادة الدّولة مدى تأثير استقلال دوَل المنطقة واستقرارها في حياة الأقلّيّات المنتشرة في المنطقة.

الاصطلاح “أقلّيّة”، بِوَصفه فئةً سياسيّة، إنّما هو مرتبط بتحوُّل الدّولة في العصر الحديث وظُهور الدّولة القوميّة-الإقليميّة الّتي منحت المفهومَيْن التّوأمَيْن “أغلبيّة” و-“أقلّيّة” دلالتهما المألوفة؛ فهُما يرِدان في سياق حديث مُحدَّد بوَصفِهما مجموعتَيْن مُحدَّدتَيْن ضمن المجموعة السّكّانيّة داخل الدّولة.[2] على ذلك فإنّ الاصطلاح “أقلّيّة” مأخوذ، في الأساس، من الدّلالة السّياسيّة الّتي تحملها الحالة العدديّة الخاصّة بمجموعة مُحدَّدة. علاوةً على ذلك فقد أدّى تغلغُل الثّقافة الغربيّة وتفكُّك الإمبراطوريّة العثمانيّة إلى خلق نظام اجتماعيّ وسياسيّ جديد في الشّرق الأوسط، نظام مهّد الطّريق أمام إعادة تشكيل الدّيناميكيّة داخل المجتمع العربيّ الّتي، بِدَورها، جاءت بقِيَم ومؤسّسات جديدة أثّرت بطبيعتها فيما يُسمّى بِعلاقات الأغلبيّة-الأقلّيّة.

الموحّدون الدّروز في الشّرق الأوسط

اليوم، يقارب عدد الموحّدين الدّروز في الشّرق الأوسط المليون نسمة، وهم ينتشرون، في الأساس، في أنحاء سورية ولبنان وإسرائيل. إضافةً إلى مجتمع موحّد-درزيّ صغير كان قد هاجر إلى شمال الأردنّ في مطلع القرن الميلاديّ العشرين، ومجتمعات موحّدة-درزيّة صغيرة أُخرى (جالِيات) تتوزّع بين الأمريكتَيْن الشّماليّة والجنوبيّة، وفي أستراليا وغرب أفريقيا. أمّا أكبر تجمُّع للموحّدين الدّروز فنجده في سورية، حيث يبلغ عددهم، حسب التّقديرات، حوالي 700,000 نسمة (ما يشكّل ثلاثة في المائة تقريبًا من مُجمل سكّان الدّولة). وكما يتبيّن من التّوزيع الجغرافيّ فإنّ المجتمع التّوحيديّ الدّرزيّ هو، في الغالب، مجتمع ريفيّ-قرويّ؛ إذ يعيش غالبيّة الموحّدين الدّروز في مناطق جبليّة، مثل: جنوب جبل لبنان، جبل حوران، جبل الشّيخ، منطقة إدلب، الجليل وجبال الكرمل. ومع أنّ ادّعاءً مطروحًا يقول إنّ المنطقة الجبليّة كانت مأوًى يحمي الموحّدين الدّروز من مُلاحقات الغالبيّة المُسلِمة أو من جَوْر السُّلطة، فإنّ هذا المنطق لا يفسّر تمامًا أنماط استيطان الموحّدين الّذين لم يسكنوا الجبال فقط. وفي العموم، يتميّز المجتمع التّوحيديّ الدّرزيّ بمَيْل تاريخيّ إلى العُزلة عن البيئة الاجتماعيّة المحيطة، حتّى يبتعد عن مركز الحُكم فيحافظ على أكبر قدر ممكن من الاستقلال الذّاتيّ، ويُثبط، في المقابل، عمليّة الاستيعاب أو التّمثُّل الثّقافيّ.[3]

بعكس أقلّيّات أُخرى في الشّرق الأوسط، كالعرب المسيحيّين أو الشّيعة، فإنّ المجتمعات التّوحيديّة الدّرزيّة غائبة عن المراكز المدنيّة. هذه الحقيقة تُعلّل، إلى حدٍّ كبير، متانةَ النّظام الاجتماعيّ التّقليديّ وتماسُكَه داخل هذه المجتمعات، من جهة، والوهنَ الاقتصاديّ والهيكليّ في مواجهة تحدّيات العالم الحديث، من جهة ثانية. لم يزل المجتمع التّوحيديّ الدّرزيّ في الشّرق الأوسط قائمًا، منذ وقت طويل، على أساس الزّواج من داخل الطّائفة (أندوجاميّة) فقط.[4] هذه الظّروف الواقعيّة تُسهم، بشكل مباشر، في الحفاظ على الأعراف والقِيَم والعلاقات الاجتماعيّة-المُجتمعيّة داخل المُجتمعات الدّرزيّة، وهذه هي سِمَة تخلِق، بِدَورها، منظومة قُربى داخل هذه المُجتمعات. يتّصف المجتمع التّوحيديّ الدّرزيّ بأنّه نموذجًا لِلُّحَمَة الدّاخليّة-الاجتماعيّة والصِّلة الوثيقة بالهُويّة العرقيّة. ويُشير فؤاد خوري إلى أربعة عوامل مترابطة أسهمت في هذا التّماسُك الاجتماعيّ-الدّاخليّ وهي: الاعتقاد بالتّقمُّص الّذي ينسج علاقات ودّيّة بين العائلات؛ تأثير رجال الدّين (شيخ العقل)، الاستمراريّة الإقليميّة في المناطق الّتي تعيش فيها تجمّعات سكّانيّة توحيديّة درزيّة، والأخُوّة الطّائفيّة (حِفْظ الإخوان). [5] كما نجد في طائفة الموحّدين الدّروز مركِّبًا حَمائليًّا  على شكل منظومة من المميّزات الاجتماعيّة الّتي يعتمد الانتماء إليها على أسلاف مشترَكة. وحتّى بعد أن فقدت هذه المنظومة أساسها الاقتصاديّ، حافظ المركِّب الطّائفيّ على أدائه السّياسيّ والاجتماعيّ: التّضامُن العائليّ الّذي يُشَرْعِن، بِدَوره، وَحدة طائفة الموحّدين الدّروز، الوَحدة الدّرزيّة، على حدّ وَصْف  كمال جنبلاط. [6]

الموحّدون الدّروز في سورية الحديثة

مع أنّ الموحّدين الدّروز يُشكّلون حوالي ثلاثة في المائة فقط من مُجمل سُكّان سورية، فإنّهم منذ عام 1918 لعبوا دورًا هامًّا في تاريخها الحديث. قاد الزّعيم الدّرزيّ سلطان الأطرش الثّورة السّوريّة الكبرى الّتي اندلعت في جبل الدّروز (جبل حوران) بين عامَي 1925-1927. وفي الواقع، كان هذا الحدث هو الإسهام الرّئيس الّذي يُسجَّل للموحّدين الدّروز في تاريخ سورية المعاصر، ثمّ أضحى جزءًا لا يتجزّأ من الذّاكرة الجماعيّة الدّرزيّة بوصفِهِ ثورةً وطنيّةً مناهضةً للإمبرياليّة. كما يقول فيليب خوري: “كانت الثّورة الكبرى انتفاضة شعبيّة واسعة النّطاق، مناهضة للإمبرياليّة وذات توجُّه قوميّ واضح”. [7]

ولم تقتصر الثّورة السّوريّة الكبرى على السّاحة السّياسيّة فقط، لكنّها عبّرت، أيضًا، عن الصّراع القائم داخل سورية بين النُّخبة من أصحاب الأراضي وساكِني المُدن الّذين تقلّدوا مناصب رئيسة في الإدارة الاستعماريّة، من جهة، والطّبقات الجديدة الآتية من بيئة قليلة الإمكانيّات، من جهة أُخرى. [8]

ومع أنّ الثّورة السّوريّة الكبرى حدَّدت مصير جبل الدّروز بأن أصبحَ جزءًا من الكيان السّوريّ، فإنّ هذه المنطقة حافظت على مكانتها المستقلّة أمام الحُكم المركزيّ، في دمشق، بعد حصول سورية على استقلالها. وكان أديب الشّيشكلي الرّئيس الأوّل (1951-1954) الّذي أخضع جبل الدّروز للحكم المركزيّ في دمشق. أمّا استيلاء حزب البعث على مقاليد الحُكم في سورية فكان نقطة تحوُّل حاسمة في سياسة البلاد الدّاخليّة. حُكم البعث مهّد الطّريق أمام الأقلّيّات والفئات المهمّشة في المجتمع السّوريّ، خاصّةً العلويّين والموحّدين الدّروز، لِلَعب دَوْر تأسيسيّ في حكومة الدّولة كما في صفوف الجيش. ثمّ بعد الانقلاب البعثيّ في ​​سورية عامَ 1963 (ثورة الثّامن من آذار) أصبح الموحّدون الدّروز أكثر انخراطًا في سياسة سورية الدّاخليّة؛ إذ تبوّأوا مناصبَ رئيسة في الجيش وفي جهاز الحزب. وكان من أبرز هؤلاء الّذين أدركوا مناصبَ عُليا في نظام البعث: سليم حاتم، حمّود الشّوفيّ، منصور الأطرش وشبلي العيسميّ؛ وكان الأخير من الآباء المؤسّسين لحزب البعث والموحّد الدّرزيّ الّذي بلَغ أعلى منصب سياسيّ في سورية، ذلك حين أصبح نائب الرّئيس في عهد أمين الحافظ، بين عامَي 1965-1966.[9] حاول الضّبّاط الدّروز الاستيلاء على مقاليد الحُكم خلال السّتّينيّات، غير أنّهم فشلوا. وقد أدّى فشل محاولة الانقلاب العسكريّ الّتي قادها سليم حاطوم، في أيلول 1966، إلى إقصاء واسع النّطاق لعدد كبير من الموحّدين الدّروز عن الجيش وجهاز الحزب.[10] هذه الخطوة أدّت، في الأساس، إلى إنهاء المكانة الدّرزيّة البارزة في صفوف القيادة العسكريّة والسّياسيّة في سورية.

عزَّز إبعاد الضّبّاط الدّروز مكانةَ الضّبّاط العلويّين في رأس الجيش والحزب على حدٍّ سواء.[11] ومع أنّ النّفوذ السّياسيّ الّذي تمتّع به الموحّدون الدّروز تراجع بعد وصول حافظ الأسد إلى مقاليد السُّلطة، عام 1970، وبُعيد إحكام قبضته على الجيش ومؤسّسات الأمن؛ استمرّ المجتمع التّوحيديّ الدّرزيّ في دعم النّظام وسياساته العلمانيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة. كما يُشير هينبوش: “إنّ المجتمع المهمَّش والمفتقر إلى الأراضي الّذي لا يملك سوى الدّافع إلى التّعلُّم والحياة المهنيّة يمكنه فقط أن يستفيد من اقتصادٍ تُسيطر عليه الدّولة الّتي تمنع سيطرة البرجوازيّة المُهيمنة على القطاع الخاصّ”.[12] إنّ حقيقة كون النّخبة السُّنّيّة- المدنيّة  أقصت، في مرحلة ما، المجموعات الهامشيّة (أبناء المناطق الرّيفيّة)، بما فيها: السُّنّة من سكّان الأرياف، العلويّون، الموحّدون الدّروز والمجتمعات الرّيفيّة الأُخرى؛ قد شكّلت حافزًا إضافيًّا للموحّدين الدّروز لدَعْم نظام البعث. وقد انتهج هذا الأخير سياسة التّمييز ضدّ أولئك الّذين يُعَدّون مضطهِدين لطائفة الموحّدين الدّروز ولأقلّيّات ريفيّة أُخرى.[13] يجدر بنا الإشارة إلى أنّه في حين أتت  سياسات الدّولة في سورية على نفوذ  عائلات النّخبة مالكة الأراضي، في أعقاب تسلُّم البعث مقاليد السُّلطة، حافظت الأنظمة الحكوميّة في إسرائيل ولبنان فعليًّا على مكانة القيادة التّقليديّة لمجتمعات الموحّدين الدّروز، بل وثبّتت استقرارها. تكشَّف هذا الواقع حين انهارت الدّولة في سورية وتركت القيادة الرّوحيّة لتصبحَ الممثّل المركزيّ الوحيد للمجتمع.

الموحّدون الدّروز في ظلّ الانتفاضة السّوريّة

يُعدّ “الرّبيع العربيّ”، من دون شكّ، واحدًا من أهمّ الأحداث في التّاريخ الحديث للشّرق الأوسط العربيّ. هذه الانتفاضات أثّرت، ولم تزل تؤثّر بشكل حادّ، في أقلّيّات عرقيّة ودينيّة في مِصر والعراق وسورية. وكما حدث لأقلّيّات أُخرى في الشّرق الأوسط العربيّ فإنّ الانتفاضة الشّعبيّة الّتي اندلعت في سورية، في آذار 2011، قد وضعت طائفة الموحّدين الدّروز أمام تحدّيات غير مسبوقة. اقتصرت الانتفاضة، إلى حدّ كبير، على الغالبيّة السُّنّيّة، وكان الاحتجاج بقيادة ناشطين إسلاميّين، وقد أثار هذا الاحتجاج مخاوف حقيقيّة بشأن مستقبل سورية، بِوَصفها دولة علمانيّة، بين صفوف الموحّدين الدّروز كونهم واقعين بين سِندان الفوضى ومطرقة الإسلام السّياسيّ.

إنّ صعود بشّار الأسد سُلَّم السُّلطة لم يؤثّر، بشكل عميق، في علاقة الموحّدين الدّروز مع النّظام البعثيّ. الانتفاضة الشّعبيّة الّتي اندلعت في درعا، جنوبَ سورية، في آذار 2011؛ لم تتّسع بُقعتها لتبلُغَ معقلهم في جبل حوران. وظلّ غالبيّة الموحّدين الدّروز موالين للنّظام، مع أنّ شخصيّات عامّة ومثقّفين دروز دعموا الانتفاضةَ، مثل: ريما فليحان، منتهى الأطرش، جابر الشّوفي وغيرهم. وقد واجهت قادةَ الانتفاضة صعوبةٌ كبيرةٌ في تجنيد الموحّدين الدّروز في صفوفهم؛ إذ ظلّت الغالبيّة العظمى من الجنود الدّروز في الجيش مواليةً للنّظام.[14] بدلًا من أن يعكس نوعًا من “التَّقِيّة”؛ أي: “الاتِّقاء” أو “الاستِتار” (المُساترة) وَفقًا للمدرسة الاستشراقيّة الكلاسيكيّة، يتّضح أنّ ولاء الموحّدين الدّروز لنظام البعث هو، في الأساس، جزء من معادَلة البنية السّياسيّة والاجتماعيّة في المجتمع السّوريّ. الأسْلَمَة المتزايدة في صفوف المعارَضة، إلى جانب صعود المنظّمات الجهاديّة وتفكُّك سُلطة الدّولة دفعت العديد من الموحّدين الدّروز إلى أذرُع النّظام. وقد لاقى خوف طائفة الموحّدين الدّروز من الإسلام الجهاديّ تصديقًا في حزيران 2015، حين أقدم ناشطون من جبهة النّصرة على تنفيذ مجزرة في حقّ عشرات الموحّدين الدّروز في قرية قريبة من إدلب، شمالَ سورية. إنّ ولاء الموحّدين الدّروز للنّظام ومكانتهم بوصفهم مجموعة ذات خصوصيّات دينيّة-مذهبيّة، مثل: الإسماعيليّون والعلويّون (يُعرَّفون بالكُفّار عند الأرثوذكسيّة السُّنّيّة)؛ جعل مكانتهم ضعيفة خاصّةً في مواجهة تحدّي الجهاد الإسلاميّ.

في حين بقيت القيادة الرّوحيّة، المعروفة بـِ-“مشيخة العقل“، ملتزمة بالنّظام، أسّس الشّيخ وحيد البلعوس، وكان زعيمًا دينيًّا-شعبيًّا، حركة احتجاجيّة ضدّ التّجنيد في صفوف الجيش السّوريّ. البلعوس أقام ميليشيا محلّيّة سُمّيت “رجال الكرامة” من أجل حماية القرى الدّرزيّة من وجه التّنظيمات الجهاديّة. أمّا اغتيال البلعوس في أيلول 2015، على أيدي عُملاء النّظام على ما يبدو، فلم يتمخّض بتغيير جوهريّ في مكانة الموحّدين الدّروز وموقفهم من النّظام. ومع استمرار الانتفاضة وتحوُّلها إلى حرب أهليّة وحشيّة-دمويّة، توصّل العديد من الموحّدين الدّروز إلى استنتاج مفاده أنّ النّظام هو أهون الشُّرور وأخفُّ الضّررَيْن، وأنّ انهياره يهدّد بتفكُّك الدّولة نفسها.

انتصار جيش النّظام الّذي بدأ بالبروز منذ احتلال حلب، عام 2016، بمساعدة مقاتلي حزب الله والمليشيات الشّيعيّة الموالية لإيران وبالطّبع سلاح الجوّ الرّوسيّ؛ أزال خطر التّنظيمات الجهاديّة عن الموحّدين الدّروز. مع ذلك فقد نفّذ تنظيم الدّولة الإسلاميّة، في تمّوز2018، غارة كبيرة على قرى درزيّة في منطقة حوران، أسفرت عن مقتل حوالي 260 مواطنًا درزيًّا، وخطْف 30 امرأة درزيّة وأطفالهنّ. أمّا قوّات النّظام فلم تجهد في ردْع هذا الهجوم، وقد طُرحت أسئلة كثيرة حول سُهولة الإمدادات الّتي اتّسم بها الهجوم القاتل على القرى الدّرزيّة قربَ مدينة السّويداء. هذا الهجوم إنّما يأتي في أعقاب تصاعُد التّوتّرات بين النّظام وسكّان جبل الدّروز، نتيجة لتزايُد العزوف عن التّجنُّد في صفوف الجيش السّوريّ منذ عام 2015. لذا، يحاول النّظام، في نواحٍ عديدة، معاقبة الموحّدين الدّروز بصورة جماعيّة. وارتفعت عتبة التّوتّر، بشكل ملحوظ، بين النّظام وأجزاء كبيرة من السّكّان الدّروز منذ عام 2015، وذلك في أعقاب سلسلة الهزائم الّتي لحقت بقوّات النّظام والخسائر الفادحة الّتي وقعت في صفوف الموحّدين الدّروز. كما أوضح البلعوس؛ التّوجُّه السّائد بين الموحّدين الدّروز كان اتّخاذ موقف مُحايد في الصّراع الدّمويّ الدّائر في سورية.

إنّ رفض الموحّدين الدّروز الالتحاقَ بصفوف الجيش جرَّ سلسلة من الإجراءات العِقابيّة الجماعيّة من قِبَل النّظام. في عام 2018 برز توجُّه يقضي بترك المنطقة في أيدي عناصر من المُعارَضة الإسلاميّة كانوا قد اندمجوا في اتّفاقيّات المُصالحة مع النّظام برعاية الجيش الرّوسيّ. إلى عناصر المُعارَضة تلك انضمّت تنظيمات إجراميّة تقف وراء غالبيّة حوادث الخطف المُنفَّذة ضدّ الموحّدين الدّروز. وقد بلّغت وسائل إعلام محلّيّة عن 238 حالة اختطاف حصلت في عام 2020 وحده، فكانت، على ما يبدو، جزءًا من الضّغط الّذي يُفعّله النّظام على الموحّدين الدّروز لإرغامهم على الالتحاق بالجيش. وإلى جانب التّدهور الأمنيّ والارتفاع الملحوظ في الجريمة، في منطقة حوران، فإنّ تدهورًا واضحًا طرأ على الخِدمات الحكوميّة أيضًا. السّكّان الدّروز، كغيرهم من المجموعات السّكّانيّة في سورية، باتوا يعانون صعوباتٍ اجتماعيّةً واقتصاديّةً جعلت الحياة في حوران لا تُطاق، على عكس السّنوات الأولى للحرب. ناهيك عن الدّمار الّذي خلّفته الحرب فإنّ وباء “كورونا”، والفقر المُدقع، والبطالة وانهيار الخِدمات الصّحّيّة والتّعليميّة هذه كلّها لم تعُد تسلَم منها المناطق الدّرزيّة. عن هذا الواقع تنتج موجةُ هجرة في صفوف الشّبّان الدّروز على نطاق غير معهود. ومع أنّنا لا نملك أرقامًا دقيقة فإنّ من الواضح أنّ هجرة الأجيال الشّابّة آخذة في الازدياد.[15] إنّ ما يُعين الموحّدين الدّروز في سورية، إلى حدّ ما، على التّأقلم مع الأزمات المتواصلة هو المساعدات الإنسانيّة الّتي يقدّمها الموحّدون الدّروز في إسرائيل على شكل تبرُّعات تُجمع في السّنوات الأخيرة. بعضٌ من هذه التّبرّعات تجري بتوجيه من القيادة الرّوحيّة للموحّدين الدّروز في إسرائيل، ويُشكّل الأردنّ محطّةً في الطّريق إلى جبل الدّروز في سورية. [16]

لم يحالف الحظّ الموحّدين الدّروز في إدلب، وواقع حياة القرويّين الدّروز الّذين بقوا هناك بات لا يُحتمل؛ هؤلاء يعيشون في خوف رهيب بسبب مضايقات التّنظيمات الجهاديّة، ويُجبرون على قبول إملاءات مختلفة تتعلّق باللّباس والسّلوك والحركة في الحيِّز العامّ. نتيجة لذلك فقد انطلقت الهجرة من هناك؛ أي من إدلب، إلى جنوب سورية على وجه التّحديد.[17] يُشكّل نشاط إيران وحزب الله في جنوب سورية مصدر إزعاج إضافيًّا للموحّدين الدّروز، وقد أفادت مصادر صِحافيّة ومواقع إعلاميّة عِلمًا بمحاولة إيران إنشاء ميليشيات درزيّة محلّيّة، وَفق النّموذج الّذي طُبِّق لدى مجتمعات شيعيّة في المنطقة، وذلك باستخدام رمزيّة المؤسّسة الدّينيّة ، مثل: ميليشيا أُطلق عليها اسم “لَبَّيْكَ يا سلمان” الّتي أُبلغ عنها مؤخّرًا.[18] تقارير أُخرى تُشير إلى أنّ إيران تحاول بسط يدِها على الأماكن المقدّسة في المناطق التّابعة للموحّدين الدّروز، وتعزيز انتشار التّشيُّع في هذه المناطق.[19] في الجولان السّوريّ يحاول حزب الله، هو الآخر، تجنيد الدّروز في صفوفه وإنشاء بنية تحتيّة لنشاط قتاليّ مستقبليّ ضدّ إسرائيل. وفي هذا السّياق جاءت هجمات إسرائيليّة لقَصْف أهداف في قرية حَضَر الدّرزيّة واغتيال سمير قنطار، عام 2015، في أعقاب محاولته إقامة بنيّة تحتيّة محلّيّة تابعة للتّنظيم في منطقة الجولان السّوريّ. إنّ ضعف النّظام، من جهة، والظّروف المعيشيّة القاسية الّتي تُواجه الموحّدين الدّروز في جنوب سورية، من جهة أُخرى، كلاهما يشرّع الأبواب أمام إيران وحزب الله لأداء نشاطهما داخل هذا المجتمع.[20] أمّا سورية الّتي عرفناها حتّى عام 2011 فلم تعُد موجودة؛ إذ إنّ الحرب الّتي عرفتها تلك البلاد، منذ حوالي عقد من الزّمان، دمّرت الدّولة والمجتمع السّوريّ إلى درجة الانهيار الاقتصاديّ الكامل. لم ينجُ الموحّدون الدّروز من أبعاد القتل والدّمار والتّفكُّك الاجتماعيّ الّتي خلّفتها الحرب. وما يجعل المأساة السّوريّة مأساة مضاعفة تلُمُّ بالموحّدين الدّروز هو حقيقة إدراكهم، خلال فترة الحرب، أنّ وجودهم بصفتهم أقلّيّة لم يعُد بديهيًّا، بل إنّ اقتراب الحرب من نهايتها أبدى جليًّا اعتمادَ وجودهم على النّظام الّذي قاد سورية إلى المجاعة.

 الحرب في سورية وأثرها في دروز لبنان وإسرائيل

تأثّر الموحّدون الدّروز في لبنان وإسرائيل تأثُّرًا عميقًا بالانتفاضة في سورية. وليد جنبلاط، الزّعيم الدّرزيّ الأكثر بروزًا في لبنان، أعلن دعمَه الانتفاضة. في المقابل، وئام وهّاب والنّائب السّابق في البرلمان طلال أرسلان وآخرون، ممّن يتعاطفون مع حزب الله، واصلوا دعمَهم النّظام.[21] أوّلًا وأخيرًا، جاء تحرُّك المجتمع الدّرزيّ-اللّبنانيّ بدافع الخوف العميق الّذي يتقاسمه مع أبناء الطّائفة في سورية؛ فهُم يخشَوْن الانتشارَ الجهاديّ في سورية وعواقبَه على لبنان. إنّ دعْم جنبلاط المعارضةَ السّوريّة لطالما كان ثابتًا ويمكن تفسيره بطريقتَيْن: الأولى، ردًّا على مقتل والده كمال جنبلاط، كما يبدو بيَد المخابرات السّوريّة عام 1977؛ والثّانية، علاقاته القويّة مع النّظام السّعوديّ ومع موحّدين دروز يعيشون في الدّول العربيّة في الخليج العربيّ ويعملون داخل حدودها. وقد تجلّت أهمّيّة هذه الهجرة، مؤخّرًا، حين فرضت دوَل الخليج عقوبات اقتصاديّة على لبنان وطردت المهاجرين الّذين تربطهم صِلة بحزب الله، انتقامًا من دَوره العسكريّ في سورية.

الموحّدون الدّروز في لبنان عالقون، هُم أيضًا، بين الشّيطان والبحر السّحيق. فمن ناحية، هُم يقفون بلا حول ولا قوّة في مواجهة النّفوذ العسكريّ المتزايد لحزب الله، وفي مواجهة التّوسُّع الدّيموغرافيّ الشّيعيّ إلى جبل لبنان؛ ومن ناحية أُخرى، يتهدّدهم خطر فوريّ من زحْف الجهاد من سورية إلى داخل لبنان. العديد من الموحّدين الدّروز اللّبنانيّين أيّدوا اتّفاق الطّائف لعام 1989 وتقوية الهيمنة السُّنّيّة على السّياسة اللّبنانيّة الرّاسخة. ذلك كلّه يأتي في أعقاب مخاوف جدّيّة يُبديها الموحّدون الدّروز من توجُّه حزب الله السّياسيّ واستمرار تعزيزه العسكريّ. وقد انبثق التزام الدّروز اللّبنانيّين بالاتّفاق، منذ البداية، عن الخوف من بديلٍ أسوأ: حكومة ثيوقراطيّة (تخضع لحُكم الدّين) في لبنان يُديرها حزب الله أو التّنظيمات السُّنّيّة الجهاديّة. ومن المفارَقة أنّ قسمًا كبيرًا من أبناء المجتمع التّوحيديّ-الدّرزيّ في إسرائيل يأملون في بقاء النّظام السّوريّ متربّعًا على عرش السُّلطة. هُم يعتقدون أنّ هذا هو الضّمان الأفضل لأمن أبناء المجتمع التّوحيديّ-الدّرزيّ في سورية. وقد نظّمت القيادة الرّوحيّة الدّرزيّة، بقيادة فضيلة الشّيخ موفّق طريف وشخصيّات عامّة أُخرى، مظاهرات تضامُنيّة مع الموحّدين الدّروز في سورية. وحُوّلت الأموال الّتي جُمعت في حملات التّبرُّعات إلى سورية عبر الأردنّ.[22] علاوةً على ذلك، اندلعت مظاهرة عنيفة احتجاجًا على نقل مقاتلي مليشيات المُعارَضة السّوريّة إلى المستشفيات الإسرائيليّة شمالَ البلاد.

خلال الحرب في سورية توقّع عددٌ من الخبراء والمحلّلين تدخُّل إسرائيل في سورية لما فيه من مصلحة للمجتمع التّوحيديّ-الدّرزيّ، وذلك بهدف مساعدته على التّعامل مع التّهديد الجهاديّ. الموحّدون الدّروز السّوريّون لا يتوقون إلى تدخُّل عسكريّ إسرائيليّ، ومع ذلك فإنّ الكثيرين من سورية وإسرائيل مقتنعون بأنّ إسرائيل قد أجرت تسوية مؤقّتة مع المنظّمات الإسلاميّة المسلّحة في هضبة الجولان. يصعب تصوُّر إسرائيل تُخاطر بجنودها من أجل الموحّدين الدّروز في قرية حضر، إلّا أنّها حالت دون وقوع القرية في أيدي التّنظيمات الإسلاميّة بأن هدَّدت بتدخُّلها عسكريًّا. هذا الموقف له أن يُعزى إلى الضّغط الّذي مارسه المجتمع التّوحيديّ-الدّرزيّ في إسرائيل،[23] بقيادة فضيلة الشّيخ موفّق طريف؛ إذ عملت القيادة الرّوحيّة بشكل دؤوب على إجراء لقاءات مع كبار المسؤولين الإسرائيليّين، بمن فيهم رئيس الحكومة، رئيس الدّولة وقائد الأركان، وقد طالبت القيادة بحماية إخوتهم الدّروز في الجولان السّوريّ. إضافةً إلى ذلك، قاد فضيلة الشّيخ موفّق طريف جهودًا دبلوماسيّة مكثّفة مع روسيا، بهدف تعزيز المساعدات الإنسانيّة والأُخرى السّياسيّة للموحّدين الدّروز السّوريّين. وإنّ المجتمع على إدراك تامّ بأنّ إسرائيل تجنّبت التّدخُّل العسكريّ عامَ 1954 حين تعرّض الموحّدون الدّروز إلى هجوم من قِبَل نظام الشّيشكلي، وكان ذلك هجومًا عسكريًّا شرسًا، وجاء عدم التّدخُّل هذا رغم الاحتجاجات المدنيّة والمُطالبات والنّداءات المتكرّرة من طرف القيادة الدّرزيّة في إسرائيل.[24] وفي حين اعتقد الموحّدون الدّروز في إسرائيل، من منطلق تفكير تقليديّ، أنّ الحكم الذّاتيّ الّذي يتمتّع به جبل الدّروز في سورية هو المفتاح لحماية كيانهم في الشّرق الأوسط، أظهرت الانتفاضات الأخيرة أنّ هذا المعقِل يرزح تحت تهديد حقيقيّ. والأهمّ من ذلك كلّه هو أنّه بينما كشف الرّبيع العربيّ الضّعفَ الهيكليّ الّذي تُعانيه مجموعات الأقلّيّة في الشّرق الأوسط العربيّ، وضَع انهيار الدّولة حدًّا لنموذج التّعدُّديّة في سورية.

خاتمة

سلَّط “الرّبيع العربيّ” الضّوء على عدد من القضايا ذات الأهمّيّة الكبيرة، خاصّةً فيما يتعلّق بالأقلّيّات. ومن نتائج هذا الحدث الهامّة انهيار النّموذج التّعدُّديّ للمجتمع العربيّ والتّهديد الوجوديّ الّذي يُواجه الأقلّيّات في الشّرق الأوسط العربيّ. في سورية كشفت الانتفاضة الشّعبيّة، حتّى العُمق، عن ضعْف الأقلّيّات البنيويّ وهشاشتها في ظلّ غياب سُلطة الدّولة وفشَل الآليّات الدّاخليّة للتّماسك الاجتماعيّ في المجتمع العربيّ. وقد أبرز انعدام وجود دعم إقليميّ أو دَوليّ هذا الضّعف بشكل أكبر.

بعد مائة عام ونيّف من الحداثة وسيرورة بناء الدّولة توصَّل أبناء الأقلّيّات إلى استنتاج مفاده أنّ وجود هذه الأقلّيّات لم يعُد مفهومًا ضمنًا. وممّا لا شكّ فيه أنّ الدّروز توصّلوا، بِدَورهم، إلى هذا الاستنتاج وعانوا الخوفَ الوجوديَّ ذاتَه. منذ بداية القرن العشرين أضحت النّزعة الدّرزيّة المُهيمنة في سورية ولبنان هي النّزعة الاندماجيّة والتّكيُّفيّة؛ في كلا البلدَيْن دعَم الموحّدون الدّروز نشاطات وتحوّلات ثوريّة وتحرّكات سياسيّة نحو التّحديث، والنّشاط السّياسيّ، والقوميّة العربيّة والثّوريّة الاجتماعيّة. ولا يمكن الجزم ما إذا كان هذا التّوجُّه قد أثبت فعّاليّته فعلًا، نظرًا للتّطوّرات الّتي حصلت خلال العقود الأخيرة. وعلى عكس إخوانهم في كلا البلدَيْن، توحَّد الدّروز في إسرائيل ضمن الخصوصيّة  الدّرزيّة، ودعمهم لإخوانهم في سورية إنّما ينبع من تبعات تلك الخصوصيّة.[25]

منذ سقوط الإمبراطوريّة العثمانيّة وقيام نظام الدّوَل الإقليميّة لم يألوا الموحّدون الدّروز جهدًا لكي يكونوا جزءًا لا يتجزّأ من نسيج بُلدانهم الاجتماعيّ والسّياسيّ، ولكن خلال العقود الأخيرة وضعت التّطوّرات السّياسيّة في سورية ولبنان حدًّا لدَورهم السّياسيّ الرّائد في كلا البلدَيْن. مع ذلك فإنّ اندلاع الانتفاضة الشّعبيّة في سورية والتّدهور إلى حرب أهليّة دمويّة، تزامنًا مع صعود التّنظيم الإسلاميّ الجهاديّ، جميعها شكّلت تهديدًا وجوديًّا غير مسبوق على الموحّدين الدّروز. هؤلاء، بوَصفهم أقلّيّة عدديّة، أدركوا للمرّة الأولى منذ مئات السّنين أنّ وجودهم الأساسيّ في المنطقة ليس حقيقة مُسلَّمٌ بها، وأنّ هذا الوجود لم يزل يرضخ لنضال طويل الأمد من أجل تغيير الأنظمة العالميّة، وعليه فقد تراجع سقف طموحاتهم السياسية لينحصر من أجل الحفاظ على وجودهم في المنطقة.

عن الباحث:

د. يسري خيزران مُحاضر كبير في مركز “شاليم” الأكاديميّ، رئيس معهد الأبحاث في مركز التّراث الدّرزيّ، وزميل بحث في معهد “طرومان”، في القدس. أنهى دراسته العليا في الجامعة العبريّة، في القدس. مجال اختصاصه الرّئيس هو تاريخ منطقة الهلال الخصيب السّياسيّ والاجتماعيّ. بعد نيله درجة الدّكتوراة حصل د. يسري على منحة “فولبرايت” وقضى عامَيْن في جامعة “هارفارد”، ضمن مرحلة ما بعد الدّكتوراة، وذلك تحت إشراف بروفيسور روجر أون. نشر كتابًا وعدّة مقالات في مجلّات هامّة في هذا المضمار. حاليًّا د. يسري يجري بحثًا حول إسرائيل وحِلف الأقلّيّات.

***

[1] Gabriel Ben-Dor, “Minorities in the Middle East: Theory and Practice”, Ofra Bengio and Gabriel Ben-Dor, Minorities and the State in the Arab World (London: Lynne Rienner, 1999), 19.

[2] Benjamin Thomas White, The Emergence of Minorities in the Middle East (Edinburgh: Edinburgh University Press), 36-37.

[3] سلمان فلاح، الدّروز في الشّرق الأوسط (القدس: وزارة الدّفاع – إصدار، 2000)، ص. 13-15.

[4] Fuad Khuri, “Aspects of Druze Social Structure: There Are No Free-Floating Druze,” in The Druze: Realities and Perceptions, ed. Kamal Salibi (London: Druze Heritage Foundation, 2006), 62.

[5] Ibid, 62-63.

[6] Kamal Junblat, Ḥaqīqat al-thawrah al-Lubnānīyah, 4th ed. (al-Mukhtārah: al-Dār al-Taqaddumīyah, 1987), 84; Samir Khalaf, “Family Associations in Lebanon,” Journal of Comparative Family Studies 2 (1971), 243; Thomas Scheffler, “Survival and Leadership at an Interface Periphery: The Druzes in Lebanon,” in Syncretistic Religious Communities in the Near East, ed. Krisztina Kehl-Bodrogi, Barbara Kellber-Heinkele, and Anke Otter-Beaujean (Leiden: Brill, 1997), p. 234.

[7] Philip Khoury, Syria and the French Mandate (Princeton: Princeton University Press, 1987), 205.

[8] Michael Provence, The Great Syrian Revolt and the Rise of Arab Nationalism (Austin, University of Texas Press, 2005), 105.

[9] Said al-Ghamidi, al-Inhiraf al-Aqdi fi Adb al-Hadatha wa Fikriha (Jaddah: Dar al-Andalus al-Khadra, 2003), 700.

[10] Nikolaos van Dam, The Struggle for Power in Syria (London: I.B. Tauris, 1996), 53-58.

[11] Ibid,pp. 59-60.

[12] Raymond Hinnebusch, Syria: Revolution from Above (London: Rountledge, 2001), 63.

[13] Van Dam, The Struggle for Power in Syria, 139.

[14]   Gary Gambill, “Syrian Druze: Toward Defiant Neutrality,” Foreign Policy Research Institute, 4-5.

[15] يارون فريدمان، “أزمة الدّروز في سورية”، موقع News1، 3 شباط 2021 (المصدر بالعبريّة).

[16] م. س.

[17] يارون فريدمان، “הדרוזים הנשכחים בסכנה- קהילה מאוימת בצפון סוריה، موقع News1، 29 آب 2022 (المصدر بالعبريّة).

[18] سلمان الفارسيّ كان واحدًا من صحابة النّبيّ محمّد المقرّبين، ويُعدّ شخصيّة مؤثِّرة في نظر الشّيعة وفي نظر الموحّدين الدّروز على حدٍّ سواء.

[19] רשת אל-ערביה, איראן תשכל מילישיא טאאפיה ג’דידה מן דרוז סוריה” [איראן מקימה מיליציה עדתית חדשה מקרב הדרוזים של סוריה], 24 בספטמבר 2022.

[20] ג’קי ח’ורי, “סוריה: ישראל תקפה יעדים באזור הכפר ח’דר שבמחוז קוניטרה“, הארץ, 11 במאי 2022;

 Eyal Zisser, “Operation Good Neighbor- Israel and the Rise and Fall of the Southern Syria Region,” Israel Studies, Vol. 26.1 (2021), 7.

[21] Gambill, “Syrian Druze,” 5.

[22] جاكي حوجي، “בעדה הדרוזית מגייסים תרומות לדרוזים בסוריה, ומעוררים ויכוח על סיוע מישראל“، هآرتس، 16 شباط 2022. (المصدر بالعبريّة)

[23]    Amos Harel, “What Israel Wanted to Achieve with Threat of Military Intervention in Syrian-Druze Village,” Haaretz, November 5, 2017.

[24]   See Randall Geller, “The Shishakli assault on the Syrian Druze and the Israeli Response, January- February 1954,” Journal of Israeli History, Vol. 34, No. 2 (2015), pp. 205-220.

[25]   Isabelle Rivoal, “Le Poids de l’histoire Druzes du Liban, Druzes d’Israel face a l’Etat,” Annales: Histoire Science Sociales, 57e Annee 1 (2002), 67-78.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה