شبلي العيسمي

شبلي بن يوسف بك بن حمَد العيسمي، قياديّ وناشط سياسيّ سوريّ لامع، مُعارض للنّظام السّوريّ ومُؤيّد للثّورة السّوريّة (انطلقت في 2011 م.)، ويُعدّ من أبرز القيادات التّاريخيّة والمؤسِّسة لحزب البَعْث. وُلد في الخامس من شباط عام 1925 م.، في قرية امْتان المُمتدّ تاريخها إلى 8000 عام قبل الميلاد، والواقعة في محافظة السّويداء، جبل العرب. درس التّعليم الابتدائيّ والثّانويّ في السّويداء، وأكمل دراسته الجامعيّة وحصل على إجازة في التّاريخ وأهليّة التّعليم العالي من جامعة دمشق. والده، يوسف العيسميّ، كان واحدًا من أبرز مُجاهدي الثّورة السّوريّة الكبرى (1925 م.).

طرق العيسمي أبواب السّياسة فانتسب إلى حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ[1] عام 1942 م.، حضر المؤتمر التّأسيسيّ عام 1947 م.، وصار عضوًا في قيادته القُطريّة عام 1949 م.. ومع تبوُّء هذا الحزب مقاليد السُّلطة، بُعيد انقلاب الثّامن من آذار عام 1963 م.، تدرَّج العيسميّ صعودًا في الهرم السّياسيّ في سورية. وشغل، خلال مسيرته السّياسيّة الطّويلة، مناصبَ عدّة، فتولّى منصب الأمين العامّ المساعد لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ بين عامَي 1964-1992 م.، في البلدين سورية والعراق، كما تقلّد ثلاث حقائب وزاريّة بين عامَي 1963-1966 م. وهي: الإصلاح الزّراعيّ، التّربية والتّعليم، الثّقافة والإرشاد القوميّ، وعام 1966 م. تبوّأ منصب نائب رئيس الجمهوريّة، أمين الحافظ في حينه.

Shibli al-Aysami.jpg

بعد أن دبّ الخلاف داخل أروقة حزب البعث، بسبب اعتراضات داخليّة على سياسة الحزب، انقسم البعثيّون إلى طرفَيْن: الأوّل ضمّ اللّجنة العسكريّة للحزب والقيادة العسكريّة، بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد؛ وتمثّل الثّاني في القيادة القوميّة الحاكمة للحزب وعلى رأسها ميشال عفلق، أمين الحافظ، صلاح البيطار وشبلي العيسميّ. وما إن وقعت المواجهة حتّى رجحت كفّة النّصر فيها للطّرف الأوّل بانقلاب عسكريّ حدث في 23 شباط عام 1966 م.، بات العيسمي على أثره أمام مصير قاتم تحوّل إلى أزمة حقيقيّة رافقته طوال أيّام حياته. وبُعيد هذا الانقلاب اعتُقل شبلي العيسمي على يد النّظام للمرّة الثّالثة، وكان قد اعتُقل ثلاث مرّات بين عامَي 1952-1966 م. لأسباب سياسيّة، وجُرِّد وعائلته من الجنسيّة السّوريّة. وفي آب 1966 م. هرب من السّجن مع عدد من رفاقه متّجهًا إلى لبنان ليُجدّد نشاطه السّياسيّ منطلقًا من العاصمة بيروت.

في تلك الفترة بالذّات، فترة الهروب، أدرك العيسمي أنّ التّجربة البعثيّة السّوريّة ابتُليت بالفشل مع بَسْط حافظ الأسد يده على البلاد، فقرّر العيسميّ اللّجوء إلى العراق، عام 1968 م.، بعد ملاحقة أمنيّة وبدعوة من صدّام حسين، رئيس الجمهوريّة آنذاك، مراهنًا بذلك على النّظام البعثيّ في البلد الشّقيق. حينذاك حُكم غيابيًّا بالإعدام من قِبل النّظام السّوريّ، وبعد حوالي عام خُفّض الحُكم للسّجن المؤبّد.[2]

برز العيسمي في معارضته للنّظام السّوريّ طيلة حياته، وفي محاضرة له ألقاها في لندن، عام 1984 م.، حول النّظام السّوريّ قال: “إنّ هذا النّظام يعتبر أنّ أمْنَهُ فوق كلّ شيء وأنّ المعتقد السّياسيّ الّذي يعارضه بالفكر والرّأي هو مجرم لا يمكن أن تغتفر له جريمته بينما يغفر للمجرم القاتل”.

وفي العراق توقّف عن حضور اجتماعات القيادة القوميّة عام 1989 م. وقدّم استقالته من الحزب، واعتزل الحياة السّياسيّة عام 1992 وذهب إلى إعادة صياغة بعضٍ من الكتب القديمة إلى جانب كتابة مذكّراته الّتي أنهى تدوينها قبل اختطافه. بقي العيسميّ مقيمًا في العاصمة بغداد حتّى عام 2003 م.؛ أي مع دخول القوّات الأمريكيّة أرض العراق، بعدها انتقل إلى مصر وأقام فيها حتّى عام 2009 م. ومنها إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

في السّابع من نيسان عام 2007 م. الّذي وافق ذكرى تأسيس حزب البعث، ألقى العيسمي كلمةً قال في ختامها: “… وبعد، فمِن كلّ ما تقدَّم لعلّي لا أتجنّى ولا أتجاوز الحقيقة لو قلتُ إنّ الأنظمة الّتي حكمت في كلٍّ من سـورية والعراق بِاسم حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، وجعلت الحُكم ذا طابع فرديّ وأمنيّ وكاريزميّ، قد ابتعدت عن مبادئ الحزب وتراثه الفكريّ والنّضاليّ، ولا سيّما من حيث الدّيمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة، والعجز عن تحقيق خطوات وَحدويّة قابلة للاستمرار والتّوسّع، وبالتّالي فليس من العدل والإنصاف أن تُحسب مواقفها وتصرّفاتها على الحزب ومبادئه”.[3]

وفي 24 أيّار عام 2011 م.، خلال زيارة له إلى بيت ابنته المتزوّجة في عاليه، لبنان، اختُطف في عمر السّادسة والثّمانين كما يُقال على يد النّظام السّوريّ باشتراك عناصر من حزب الله اللّبنانيّ، واقتيدَ إلى جهة مجهولة في سورية وبقي مصيره لغزًا غامضًا حتّى يومنا هذا.

نذكر فيما يلي مؤلّفاته: حول الوحدة العربيّة (1957 م.)؛ محافظة السّويداء (1959 م.)؛ في الثّورة العربيّة (1968 م.)؛ الوحدة العربيّة من خلال التّجربة (1971 م.)؛ حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ: المرحلة التّأسيسيّة (1974 م.)؛ بعض القضايا العربيّة (1975 م.)؛ في الوحدة والحرّيّة والاشتراكيّة (1976 م.)؛ حول الوحدة والتّضامن والتّسوية (1976 م.)؛ حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ: مرحلة النّمو والتّوسّع (1979 م.)؛ رسالة الأمّة العربيّة (1978 م.)؛ عروبة الإسلام وعالميّته (1985 م.)؛ العلمانيّة والدّولة الدّينيّة (1986 م.).[4]

ونذكر محاضراته المطبوعة: “دَور الأحزاب العقيديّة وأثرها في تطوّر الأمّة”، دمشق 1954؛ “تأريخ البعث فكر ونضال”، بغداد 1976؛ “مقوّمات الوحدة وآفاق المستقبل”، بغداد 1978؛ “أسلوب الحوار الدّيمقراطيّ”، بغداد 1984؛ “العرب مادّة الإسلام”، بغداد 1984؛ “وحدة سوريا ومصر: دروس وعِبَر”، 1985.[5]

_______________________________________________

[1] حزب قوميّ علمانيّ يقوم على مبادئ ثلاثة: الوَحدة، الحرّيّة والاشتراكيّة.

[2] شبلي العيسمي، حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ: مرحلة النّمو والتّوسُّع 1949-1958 (بغداد: دار الشّؤون الثّقافيّة العامّة، 1987)، ج. 2، ص. 310.

[3] موقع “أخبار الشّرق”، نُشر في 7 نيسان 2007.

[4] العيسمي. حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، ص. 308-309.

[5] المصدر نفسه، ص. 309.

* * *

للاستزادة والتّوسُّع:

  1. حسين، خالد محمّد. سورية المعاصرة: 1963-1993 م. دمشق: الهيئة العامّة السّوريّة للكتاب، 2020.
  2. أبو سعد، أحمد. معجم أسماء الأُسر والأشخاص ولمحات من تاريخ العائلات. بيروت: دار العلم للملايين، ط.2، 1997.
  3. العيسمي، شبلي. حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ: مرحلة النّمو والتّوسُّع 1949-1958. بغداد: دار الشّؤون الثّقافيّة العامّة، 1987، ج. 2.
  4. الغامدي، سعيد بن ناصر. حزب البعث؛ تاريخه وعقائده. د. م.: دار الوطن للنّشر، 1411 هـ.
  5. ناطور، سميح. “شبلي العيسمي”. موسوعة التّوحيد الدّرزيّة. سميح ناطور (تحرير)، ج. 3 (2011).
  6. “البعث والأسد والصّراع مع الدّروز”:  https://www.youtube.com/watch?v=TaZiez2IfY.

מבט על

הדרוזים בישראל

ההתיישבות הדרוזית בישראל נחשבת לשלישית בגודלה, מבחינת מספר התושבים, בעולם כולו. הדרוזים בישראל (בני דת הייחוד) מהווים עדה דתית מגובשת, המונה כ- 147 אלף בני אדם, שפתם הינה ערבית ותרבותם ערבית-ייחודית (מונותאיסטית). הדת הדרוזית מוכרת באופן רשמי, על ידי מדינת ישראל, מאז שנת 1957 כישות אחת בעלת בתי משפט והנהגה רוחנית משלה. הדרוזים בישראל חיים כיום בתוך עשרים ושניים כפרים הנפרשים בגליל, בכרמל וברמת הגולן. שני היישובים הדרוזים הגדולים ביותר מבחינת מספר תושבים הם ירכא (16.9 אלף תושבים) ודלית אל-כרמל (17.1 אלף תושבים).

0 K

דרוזים בישראל

0 +

תושבים בדאלית אלכרמל, היישוב הכי גדול בישראל

0

סטודנטים דרוזים בשנת הלימודים 2019/2020 במוסדות להשכלה גבוהה